| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عزيز العراقي
zizi.iraqi@yahoo.com

 

 

 

الجمعة 10/12/ 2010



الوجه الآخر لغلق النوادي الاجتماعية ومنع الخمور

عزيز العراقي

من السهولة على مجلس محافظة بغداد استغلال مناسبة عاشوراء , والتي يمتنع فيها العراقيون عن تناول الكحول تلقائيا تقديسا للمناسبة , وفي رمضان بصورة اقل وبعد الفطور , وأراد المجلس أن يجعل من هذه السهولة قانونا دائم التطبيق حتى بعد انتهاء المناسبتين . وبلغ الانحدار بهذه الجهات , وفراغ جعبتهم من أي مسوغ قانوني لهذا المنع , إلا بالاتكاء في تبريرهم للقرار على السلفية الفاشية التي تجمعهم بالنظام المقبور عندما أصدر قرار المنع عند القيام بحملته (الإيمانية). وقد يكون النظام الفاشي السابق صادقا في المنع نتيجة إحدى الرغبات الشاذة للمجنون الذي قاد النظام , والدليل هو انه – النظام السابق – استمر بتطبيق عقوبة الإعدام للذين يتاجرون بالمخدرات , أو الذين يتناولونها . ومثلما كانت عصابات عدي تسيطر على بيع الخمور وتحتكر أرباحها التي أصبحت فاحشة نتيجة المنع العلني , فان الكثير من العصابات التي تدعي انتمائها إلى جيش المهدي سيطرت قبل سنتين على سوق الخمور أيضا , عندما مورس المنع من قبل هذه المليشيات وعصابات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, واغتالوا العشرات من الذين يبيعونها علنا , ودرت أرباح هائلة لهم لعدة اشهر .

المسألة اليوم ليست متعلقة بمنع ( المنكر ) وغلق النوادي الاجتماعية بما فيها اتحاد الأدباء خوفا على تدهور الأخلاق كما يدعون , ولكن المسالة لها جانب اقتصادي أهم , بعد أن تداخلت المصالح الاقتصادية بين الأغنياء الجدد من حثالات الأحزاب الطائفية الشيعية وأسيادها من ممثلي النظام الإيراني الذين يمتلكون الخبرة الأكثر وراس المال الأكبر , في تغيير مسار شرب الكحول عند العراقيين – وهم نسبة كبيرة – إلى جهة التعود على المخدرات , وتطبيق ذات الخطة التي أنهت إنتاج معامل الطابوق والكاشي والاسمنت والقطاع الزراعي , والاعتماد بالكامل على الإنتاج الإيراني .

النظام الإيراني استمر لفترة طويلة بعد استلام الإمام الخميني للسلطة بتنفيذ عقوبة الإعدام بمن يتاجر بالمخدرات , ومحاكمات خلخالي معروفة , وتم القضاء على نسبة كبيرة منها , رغم ان رجال الدين في قم حالهم حال رجال الدين السنة في مصر لا يعتبرونها من المحرمات , لان تحريمها غير مذكور في القرآن الكريم . وبعد وفاة الإمام الخميني , بعض المراجع الدينية التي أصبح لها باع طويل وقوة اقتصادية في االسوق الإيراني وجدت ان الفرصة أصبحت سانحة , وخاصة بعد أن تأكدت من الاحصاءآت الحكومية بان متداول الاتجار بالمخدرات بلغت أكثر من ستة مليارات دولار في العام الواحد بداية التسعينات , وهذا ما أثار شهية الكثير من الملالي للدخول بقوة في هذه التجارة . فأبدلت الكثير من القوانين ورفعت عقوبة الإعدام , لتبلغ في السنوات الأخيرة أكثر من ثمانية عشر مليار دولار كما يؤكد الكثير من الإيرانيين المعارضين , ولتصل نسبة المدمنين في المجتمع الإيراني من الإناث والذكور الى نسبة واحد من تسعة , أي بين سبعة الى ثمانية ملايين نسمة .

المسألة ليست متعلقة بهذه الذيول الإيرانية من العراقيين فقط , بل بالأرباح الخيالية التي تجنيها تجارة المخدرات , ولو قيض لها النجاح في المجتمع العراقي كما يأملون , فان الأرباح التي سيجنونها من العراقيين لكثرة الذين يتناولون الخمور ستكون خيالية أيضا . وكما هو متوقع سيكون الصراع شديدا بعد انتهاء عاشوراء ليس مع الحثالات العراقية فقط , ولكن مع الجناح الإيراني المتنفذ في الاقتصاد وفي الدولة ومرتبط بالمتنفذين في الحرس الثوري جناح احمدي نجاد .

العراق لن يكون ساحة مفتوحة لهذه الفاشية الجديدة , والعراقيون يدركون جيدا ان السماح بالتضييق على حرياتهم باسم الدين والطائفة لا تختلف عن متاجرة صدام وزبانيته بالقومية والحرية والاشتراكية . ولا تدرك هذه الحثالات بأنها ستصطدم بمعارضة شعبية ستعجل في نهايتها , وليس مثل باقي القوى السياسية التي ادعت تمثيل المكونات العراقية وتدافع عن حرية العراقيين , والتي قبلت السكوت عن هذه الممارسات أملا في زيادة حصصها التساومية ونحن في تشكيل الحكومة الجديدة .

فالقائمة " العراقية " لا احد يعتب عليها لأنها " من كل زيج ركَعة " كما يقول العراقيون , وعلى أبواب إعلان فشلها وتمزقها . وقد يصدق البعض حينما يقول : ان القيادة الكردية تطرب لهذه الممارسات في الوسط والجنوب , كي تظهر نفسها الأكثر تطورا وحضارية , وتجعلهم أفضل في نظر الكردستانيين قياسا بالخارجين من بطون التاريخ .
 

 

free web counter