| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عزيز العراقي
zizi.iraqi@yahoo.com

 

 

 

                                                                                    السبت 10/12/ 2011



أحلام .. ولكنها وطنية

عزيز العراقي

تتفق دعوة الحزب الشيوعي العراقي الأخيرة في إجراء حوار وطني شامل بين جميع الأحزاب والكتل السياسية التي شاركت في العملية السياسية , والدعوة التي وجهها المجلس الأعلى الإسلامي لإجراء حوار طاولة مستديرة لأطراف العملية السياسية لتدارك الوضع المتدهور في العراق . والدعوتان في جوهرهما واحد كما تؤكد تصريحات الطرفين , ويهدفان لانتشال الوضع المتردي الذي لا يمكن السكوت عليه لكل صاحب ضمير وتهمه مصلحة العراق فعلا .

مما لاشك فيه ان التصريحات التي أطلقها السيد عمار الحكيم منذ استلامه قيادة المجلس بعد وفاة المرحوم والده عبد العزيز الحكيم , وآخرها يوم الجمعة 9/12/2011 بعد زيارته لرئيس مجلس النواب أسامة النجيفي , قد نأت بالمجلس كثيرا عن الاتهامات التي كانت توجه له باعتبار المجلس نشأ تحت الرعاية الإيرانية في فترة بداية الحرب العراقية الإيرانية , واستمر في بداية التغيير في العراق بالدفاع عن المصالح الإيرانية . الا ان تصريحات السيد عمار أظهرت التوجهات الوطنية للمجلس , والتي انعكست بدورها على طبيعة العلاقة بين المجلس والنظام الإيراني , حيث خيم البرود عليها , وفي بعض الأحيان المضايقات التي اخذ يعاني منها المجلس .

الشيوعيون من جانبهم , وبما عرف عنهم من كونهم يدعمون أي عمل يعتقدون به انه يخدم العراق , وبالذات في هذه المرحلة المنكوبة في التاريخ الوطني . وأمام الوضع الملتبس لإعادة تشكيل الدولة العراقية , وإصرار اغلب المتنفذين في توجيه العملية السياسية على الانسياق وراء مصالحهم الشخصية والتنكر لكل الشعارات الوطنية التي رفعوها في حملاتهم الانتخابية , وبات الفساد واللصوصية الهيكل المتحكم بألية الفعل السياسي والإداري سواء للتشكيلات الحزبية او للإدارات الحكومية . أمام هذا الوضع يجد الكثيرون الحاجة الماسة لحجر كبير يحرك على الأقل المياه الآسنة التي أخذت تخنق الجميع بروائحها الكريهة , او شيئا يفجر مجموعة القيم التي نسجت العباءة التي تتدثر بها الطبقة السياسية الحالية , وقد يستغرب الكثيرون ويعتبروها دعوة غير معقولة للمجلس الاعلى والحزب الشيوعي للاتفاق على برنامج عمل مطلبي وليس سياسي , واثبتت جميع تجارب العالم على نجاح أي حزب عندما يضع أولوية الصراع المطلبي في مقدمة عمله بشكل حقيقي وليس بالكاريكاتير المشوه الذي تتبناه اغلب الأحزاب العراقية . الطرفان يشتركان في مطالباتهما المطلبية وأبرزها مكافحة الفساد , واللصوصية , واستقرار الأمن ومكافحة الاختراقات الأمنية , وإعادة بناء مشاريع البنية التحتية ...الخ . ويمكن القول ان أي اثنين لا يختلفان بان متطلبات العراق الحالية لا تحتاج الى نظريات سياسية وأيديولوجية , تحتاج فقط الى ضمائر حية تؤمن بوحدة المصالح الوطنية للجماهير العراقية .

هذا التحالف أو توحيد الجهود (لو) تمكن المجلس الاعلى والحزب الشيوعي من تحقيقه , لأصبح الجدحة التي ستلهب عودة الوعي بمصالحهم لأغلب العراقيين , ليس بما يحققه من كسب انتخابي كما تنظر إليه اغلب الأحزاب العراقية , بل بما سيكشفه من كون المحاصصة الطائفية التي أنتجت هذه المأساة ليست أكثر من مسرحية تافهة خدعت الجماهير التي عانت من كبتها الروحي لعشرات السنين على ايدي النظام المقبور , مسرحية لا علاقة لها بالواقع المر الذي يتساوى فيه جميع العراقيين . العراقيون بحاجة اليوم أكثر من أي فترة أخرى للعودة الى طريق مصالحهم المشتركة بعد ان أصبحت المصلحة الشخصية هي التي تسيّر فقط النشاط الفردي , العراقيون بحاجة لعودة الشعور بالتكافل الاجتماعي الطريق الوحيد الذي سيرمم خراب حياتهم وينقذهم من الجحيم الذي يعيشونه .

لاشك ان مثل هذه الخطوة تحتاج الى نيات صادقة , وجرأة اقرب للمخاطرة , لا اعتقد انها موجودة في الساحة العراقية حاليا رغم الحاجة الماسة اليها , على الأقل بالنسبة للمجلس الذي سيتهم ربما ب( الردة ) من قبل بعض الأطراف الشيعية بسبب التعاون مع العلمانيين والشيوعيين (الملاحدة), في عودة للقوانة القديمة رغم علاقات الاحترام والدبلوماسية التي فرضتها الحياة على تعاملهم مع الشيوعيين والعلمانيين من قبل هذه الأحزاب ذاتها . وبالنسبة للشيوعيين ستقوم الدنيا ولكنها تقعد والتهمة جاهزة بخيانة المبادئ , وعلى سبيل المثال اتهم احد الشيوعيين الذين تركوا الحزب بعد ان يأس من الحصول على أي مكسب شخصي بالقول : ان الحزب الشيوعي العراقي وراء انهيار المعسكر الاشتراكي , وفشل التجربة المشوهة لأنظمة الحكم الشيوعية . المهم ان مثل هذه التجربة الفريدة (لو) تحصل ستكون الأولى في نوعيتها لتفضيل المصالح الوطنية على مصالح ألهويات الفرعية والحزبية الضيقة , وستكون كفيلة بهز العروش الخاوية لتجار المبادئ من قيادات حكومية وحزبية , وكشف تفاهات اغلب الطبقة السياسية الحالية التي لا تعرف غير المزايدات وتعداد النواقص دون ان تخطوا خطوة جدية واحدة لمعالجة أية مشكلة كانت .








 

 

free web counter