| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عزيز العراقي
zizi.iraqi@yahoo.com

 

 

 

                                                         السبت 03/11/ 2012



القائمة الكوردستانية ومسؤولية المفصل التاريخي الحالي

عزيز العراقي

السنة الاخيرة ازداد الاستعصاء في العملية ألسياسية , فبعد الخلافات التي عصفت بالعلاقة بين القائمة العراقية والتحالف الوطني ( في الحقيقة المالكي ودولة القانون اللذين صادرا قرار التحالف الشيعي ) , والتي توجت باتهام المالكي لنائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي بالإرهاب  وهروب الاخير الى تركيا . اعتقد المالكي والدائرة المحيطة به بانه نجح في ابعاد العراقية من التأثير بالقرار , خاصة بعد ان وضع المصالحة الوطنية على نار هادئة يقلب عليها  مَن مشمول بالاجتثاث على الجنب الذي يؤذيه اكثر ان لم يتمكن من وضعه تحت اليد في وظيفة جديدة . ولعل توقف نائب رئيس الوزراء صالح المطلكَ القيادي في العراقية عن مشاكساته وتصريحاته الاستفزازية التي كادت ان تكون يومية , او جنوح رئيس البرلمان اسامة النجيفي الذي لا يقل شراسة عن مواجهات المطلك الى السكوت والابتعاد , ما يؤكد ان المالكي تمكن من اسكات ابرز عناصر الشغب في العراقية ليس بانجاز المشاريع الوطنية التي كانوا يتاجرون بها عند مشاكستهم له , بل بوضعهم امام الامر الواقع بالاتهام بالفساد والإرهاب , وقد يكون قد قدمت لهم نسخ من ملفات الاتهام الموثقة , وحالهم حال الهاشمي ان لم يكفوا عن معارضتهم .

نجح المالكي في شل العراقية , واعتقد انه سينجح مع الكوردستانية ايضا , وفاته ان الكوردستانية ليست العراقية كتجمع سني غير متجانس وحدهم رد الفعل لتشكيل القائمة الطائفية الشيعية . وبغض النظر عن كل السلبيات التي رافقت التجربة الكوردستانية , فان القائمة الكوردستانية هي الوحيدة بين القوائم المتنفذة التي تستند الى شرعية حقيقية لحركة التحرر القومي الكردي , وليس شرعية كاذبة ( طائفية ) مثل القائمة الشيعية والعراقية السنية , والتي اثبتت ان طائفيتيهما هو ستار للاستئثار بالسلطة لمجموعة مافيات لا تعرف غير نفسها .

كان امام حزب الدعوة فرصة تاريخية لزعامة الحركة الوطنية العراقية بعد ان استقرت عليه رئاسة الوزراء , لو  تمكن من التعايش مع القيادات العراقية الاخرى باتخاذ القرار وتحقيق الحد الادنى من المشروع الوطني المشترك . الا ان زعامته المتمثلة بالجعفري وبعده المالكي لم تتمكنا من استيعاب المسئولية الوطنية للسلطة التي نزلت عليهم من السماء الامريكية , وأصبح جل همهم  ان تبقى بين ايديهم . وبدل سلوك الطريق الوطني لتعميق استمرار زعامتهم سلكوا طريق فرض الزعامة ليس على شركائهم في القوائم الاخرى فقط , بل وعلى شركائهم في نفس القائمة . وظنوا ان شراء الذمم عبر كل اشكال الرشا , والتساهل مع الفساد واللصوصية وحتى مع الارهاب , والعمل على مصادرة استقلال الهيئات المستقلة التي تضمن حقوق الشركاء والناس , هو الطريق الاصوب للاحتفاظ بالسلطة , مما عمق عزلة قيادة الدعوة ليس من قبل القوائم الاخرى ومن الاحزاب الشيعية , بل الكثير من الدعاة الحقيقيين الذين لم يرتضوا بيع التاريخ المشرف للحزب مقابل الاستئثار بالسلطة ومن قبل مجموعة محددة .

قيادة المالكي تدرك جيدا ان مستقبلها لا يبشر بالخير في الفترة القادمة , سواء نتيجة الاحداث الجارية في المنطقة والمستقبل الاسود الذي يهدد النظام الايراني بعد تصاعد التأثير الموجع للعقوبات الدولية , وهو ما يعني ان النظام الايراني سوف لن يتمكن من فرض ارادته على الاحزاب الشيعية العراقية مثل السابق , اي فقدان قيادة المالكي للمظلة الايرانية في الانتخابات القادمة , او تأكده ايضا من انه يقف وحده دون باقي اطراف الحركة الوطنية او مع احزاب قائمته الشيعية , وذلك بعد ان فشل في فرض مشروع حكومة اغلبية . وهذا الطريق غير السالك امامه سيدفعه للإيغال في وسائل يعتقد انها ستضمن له الاستمرار في السلطة , مثل الاندفاع اكثر في مساندة النظام السوري , او الارتماء بالكامل في احضان النظام الايراني وتحويل العراق الى الساحة الرئيسية للمواجهة المحتملة بين النظام الايراني والغرب . او الضغط باتجاه دفع اقليم كردستان للانفصال عبر تنشيط قوات دجلة ودعمها بالمعدات الاكثر تطورا , او بخلق مشاكل اخرى .

قد يعتقد البعض من الاكراد ان الفرصة ستكون سانحة لإعلان الاستقلال الكردي ما دام المالكي هو الذي يدفع بهذا الاتجاه . ولكن المالكي ليس هو المتحكم بالميزان الدولي , ولا هو الذي سيمنع النظام الايراني بالبطش بالدولة الكردية للجم تطلعات اكراد ايران . ولا هو الذي يقف امام الاتراك لتخليصهم من ورطتهم بعد ان طوروا التجارة مع الاقليم , والذي انعكس على زيادة تطلعات الاكراد الاتراك . والخوف ان تكون المأساة اكبر من الانفال كما يعتقد البعض الآخر لتمزيق الدولة الكردية الوليدة من قبل الاطراف الثلاث لو تم اعلانها .

فيدرالية الاقليم الهيكل الاصلب الذي يمنح النظام الجديد ابرز اسباب الوجود , والقائمة الكردستانية اليوم امام مواجهة تاريخية ليس بالدفاع عن كورديتها فقط  , بل عن عراقيتها التي تواجه طعنة طائفية عميقة تستهدف النظام الوليد اولا وثانيا انسانية العراقيين , والكوردستانية هي التي سلمت المالكي رئاسة الوزراء مرة ثانية بعد ان وقعت معه اتفاقية اربيل . وما دامت القائمة العراقية لا تستطيع ان تساعد في ايقاف هذا الانحدار نتيجة ما وصلت اليه من تشرذم , فالقائمة الكوردستانية مسئولة عن تمتين وحدتها اولا , وثانيا لم شمل كل الديمقراطيين والعلمانيين والوطنيين في وجه ما تخفيه لنا قوى الظلام .

free web counter