| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

د. علي إبراهيم

 

 

                                                                                      الأثنين 6/6/ 2011

 

الحراك الجماهيري والإدعاءات المضللة الساذجة

د. علي إبراهيم

منذ انطلاقة الجماهير يوم 25 شباط في ساحة التحرير ببغداد وغالبية المحافظات جنوبها ووسطها وغربها وشرقها وشمالها وبذلك أكدت جماهيرنا هويتها العراقية، وكانت بمثابة ضربة قوية ضد الطائفيين والإثنيين، وانكسر حاجز الخوف أو حاجز الولاء الأعمى... وتنامى وعي هذه الجماهير وازداد إيمانها بعدالة قضيتها ، وإن حراكها واجب وحق يكفله الدستور ، وهدفها الإصلاح والاستجابة لمطالبيها كالماء الصافي الصالح للشرب والكهرباء، وتحسين البطاقة التموينية وإيجاد فرص عمل للخريجين وغيرهم من العاطلين... وكلها مطالب قابلة للتنفيذ إذا ما وجدت الإرادة المخلصة وقُضي على الفساد والمفسدين... فكل هذه الأشياء أصبحت علامة فارقة في العراق، وقد زاد في الطين بلة هذا الإحساس لدى المواطن الفقير بالغبن، ذلك أن هذا الهم لا يشترك فيه كل العراقيين، وأنا هنا لا أطالب بالمساواة المثالية ، ولكن عندما تكون الهوة عميقة بين المواطن المسحوق وبين الدرجات الخاصة ومن ترعرعوا في ظلهم، يتضاعف هذا الإحساس، ويزداد ألم الشعور بغياب العدالة ، وتتعاظم  لدى المواطن العراقي  دوافع الانتفاضة والمطالبة بحقوقه كمواطن وكإنسان ، ولكن يبدو أن حقوق الإنسان صارت في العراق عقوق الإنسان.

الغريب أن الحكومة العراقية تذرعت بأنها حكومة فتية، جاءت بانتخابات ديمقراطية، ولا ينبغي مقارنتها بالحكومات القمعية التي جاءت بانقلابات عسكرية وبقيت في الحكم أربعين عاما أو ثلاثين ... لست بصدد الحديث عن الانتخابات "الديمقراطية" ولا القوى التي قادت حركات التحرر بعد الحرب العالمية الثانية، وبفعل  السلطة ومنافعها تحولت إلى أنظمة قمعية دكتاتورية .وهناك دول أخرى جاء حكامها بانتخابات وتحولوا إلى فاشيين وألمع مثال هو نموذج هتلر الذي حاول غزو العالم بأسره ... هل تريد الحكومة أن ينتظر الشعب أربعين عام ثم ينتفض على حكامه ويصحح المسار ، التجارب أثبتت أن السلطة تغير الحكام حتى وإن كانوا- قبل توليهم - من المناضلين ضد الظلم والتعسف والطغيان.

وأثبت تجارب الشعوب أن أية  حكومة يمكن أن تنحرف إذا غابت الرقابة الشعبية  ورقابة البرلمان ويتحول نهجها بالضد من مصالح غالبية الشعب.

وعلى الرغم من أن الجماهير راعت الفرق بين حكومتنا، وحكومات الطغاة، ولم ترفع شعار إسقاط الحكومة، بل كان شعارها إصلاح المسيرة ، وطرح المطالب المشروعة، التي ينبغي أن يسعى المسئولون إلى تقديمها للشعب... رغم ذلك  مارست الحكومة العنف نفسه الذي مارسه حسني مبارك وزين العابدين صالح وغيرهما . وبعد حزمة من الإجراءات القمعية مثل: منع التجول وتسليط خراطيش المياه الحارة، وإطلاق الرصاص الحي، والاعتقالات والاتهام بالبعث والقاعدة ، بدأت حملة تشويه جديدة باعتقال الشباب الأربعة: مؤيد فيصل، علي الجاف، احمد علاء، جهاد جليل، بتهمة التحريض على العنف. ثم صرح المتحدث باسم عمليات بغداد بان الشباب الأربعة اعتقلوا بسبب حملهم هويات مزورة. علما أن اعتقالهم تم في عملية اختطاف سافرة منافية للقانون.

ولعل أغرب تشويه للحراك الجماهيري المتصاعد ، هو ما قاله على شاشة إحدى الفضائيات نائب معروف بكثرة أخطائه النحوية محاولا تشويه إحدى شعارات المنتفضين ونعني شعار (الشعب يريد التغير) مدعيا أن هذا الشعار مترجم عن لغة أجنبية (كذا!)، ما يدل على ارتباط الحراك الشعبي عندنا  بالأجنبي ،لأن العربية تتشكل جملتها من الفعل والفاعل والمفعول به . وهو أكد بذلك جهله بحقيقة  يعرفها حتى تلميذ في الابتدائية ، ونقصد حقيقة  أن الجملة العربية إما أن تكون اسمية أو فعلية. وأخيرا لا يسعني سوى أن أقول : " قلبي على وطني !". 

 

 

free web counter