| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. علي إبراهيم

 

 

 

الأربعاء 5/9/ 2007


 

الحزبية والحزبية الضيقة

د. علي إبراهيم

لفت انتباهي تخبط القادة السياسيين العراقيين وهم يبحثون عن مخرج للأزمة المستفحلة في البلاد والتي شملت كل مجالات الحياة : الأمنية والسياسية والاقتصادية ... ، وبدلا من البحث في جوهر الأزمة وأساسها الذي بني على المحاصصة الطائفية التي جرت البلاد إلى حافة الحرب الطائفية الأهلية ، إذا حسبنا أن ما يجري الآن من قتل على الهوية وتهجير على المذهبية وتدمير للقرى والبيوت الآمنة على أثنية هي مقدمات تلك الحرب التي يسعى الخيرون من أبناء هذا الوطن لعدم حصولها . وبدلا من البحث عن أسباب أزمة الوقود ،والكهرباء والماء وفقر البطاقة التموينية والبطالة التي تزداد نسبتها سنويا بسبب زيادة الخريجين العاطلين،والفساد الإداري والمالي ،الذي اتسعت قاعدته حتى شملت أعلى المؤسسات والمسؤولين في الدولة ، ناهيك عن المليشيات التي لم تعد الحكومة قادرة على حلها !؟،فصارت سلطتها أقوى من سلطة الحكومة . وغيرها من الأمور التي أسهمت وتساهم في بقاء الإرهاب واتساعه ،وتطيل من عمر الاحتلال لبلادنا .
كل هذه القضايا لم تعد الأسباب الحقيقية في تردي الوضع في العراق - حسب رأي بعض الساسة - إنما السبب هو وجود الحزبيين على رأس الوزارات والمواقع الأخرى المهمة في الدولة ، والغريب في الأمر أن من يطلق هذه الصيحة هم الحزبيون أنفسهم ، وهم يعتقدون أن الكلام لا يشملهم ولا أحزابهم التي لديها الحصة الكبرى . أذكر على سبيل المثال دولة رئيس الوزراء نوري المالكي الذي قال في البرلمان : " لن أرشح حزبيا واحدا للوزارة " وقال الجعفري في بيته وأمام رئيس الجمهورية ونوابه ورئيس الوزراء ونوابه وبعض أعضاء مجلس النواب : "أرجوكم خلصونا من المحاصصة الطائفية ومن الوزراء الحزبيين " . وبالتأكيد يعتقد أن هذه الدعوة هو غير معني بها ولا حزبه !؟ .
إن هذا الموقف متأتي من عدم وضوح لدى بعض السياسيين لمفهومي الحزبية والحزبية الضيقة ،فالأولى تعني الانتماء إلى الأحزاب والنضال من أجل أهداف نبيلة سامية تصب في مصلحة الشعب والوطن ، وعلى هذا الطريق قدم الحزبيون ومن مختلف الأحزاب تضحيات جسام طالت حياة البعض منهم فصاروا شهداء أبرار خالدين ، لذلك فإن الحزبين من هذا الطراز قد جربوا فأعطوا درسا في التضحية والنزاهة والوفاء ، فما الضير إذا اجتمعت في شخص مناضل من هؤلاء الصفة الحزبية والكفاءة والاختصاص ( تكنوقراط + السياسة ) ، وهناك أمثلة ساطعة أثبتت جدارتها أداء وإخلاصا ونزاهة ،وبعدا عن الحزبية الضيقة ، في الحكومات الثلاث المتعاقبة .
أما الحزبية الضيقة فهذه هي الآفة التي يجب أن تتضافر كل الجهود لإبادتها ، ومعناها باختصار هو أن يوظف الوزير أو المسؤول الكبير وزارته أو دائرته لصالح حزبه ، أو أن ينفذ ما يمليه عليه حزبه بدلا من تنفيذ برنامج الوزارة وما يقرره مجلس الوزراء . ناسيا أنه وزير للعراق كله ، وهنا أيضا أفرزت الوزارات الثلاث نماذج صارخة ، تمثل هذا النوع من المسؤولين . إن معالجة هذا الخلل ليس صعبا لأن الوزراء ينبغي أن تجري متابعة نشاطهم وتقويمه في اجتماعات مجلس الوزراء ، وكذلك في مجلس النواب . ومن لديه مثل هذه الممارسة يجب إقالته ، إذا كانت لدينا مؤسسات مبنية على أسس صحيحة ، ووضعنا الحالي يمثل حالة المخاض الذي لا يمكن أن يكون قياسا .
وإذا أردنا أن نبحث عن المثال ، فسوف نجده في الأنظمة الديمقراطية التي تتشكل حكوماتها من أكثر من حزب وبالتأكيد يجري اختيار الوزراء من الأحزاب المؤتلفة ، دون أن يشكل أي معضلة .
لذا أقول ينبغي التصدي لهذا السلوك ، الذي سوف يهمش دور المناضلين المخلصين ، ومن الخطأ الفادح أن نضع هذا الشرط التعسفي ، أمام من لهم تجربة في النضال والوطنية الحقة ، وربما هذا التوجه إذا ما تم الأخذ به سوف يضعف الأحزاب الوطنية التي لها دور مشهود في النضال ضد الاستعمار البريطاني ومعاهداته والأنظمة الرجعية المتعاقبة ووقوفها بوجه أعتى دكتاتورية في العالم والمتمثلة بالنظام المباد .






 


 

free web counter