| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

د. علي إبراهيم

 

 

الأحد 30/1/ 2011

 

انتفاضة مصر
المطلوب رأس الحية

د. علي إبراهيم

اندلعت انتفاضة مصر عظيمة جبارة، وامتد لهيبها إلى كل كبريات المدن المصرية؛ القاهرة، السويس، الإسكندرية ، المنصورة ومدن أخرى في أنحاء الجمهورية ... وكان شعاراتها واضحة إسقاط النظام (الحكومة- ورأس النظام)، تشكيل حكومة تكنوقراط مؤقتة، معالجة الأزمات السياسية والاقتصادية وحل أزمة البطالة بين صفوف الشباب... ما يحدث في مصر وما يحدث وحدث في بلدان أخرى، كشف زيف هذه الأنظمة وانتخاباتها المزورة، وقوانينها المسنة لصالحا، فهذه الانتفاضات تعبير صادق وحيوي وواقعي عن زيف كل الأرقام وكل " منجزاتهم" المنجزة على الورق، أو محدودة لا تساوي ما صرف عليها من أموال الشعب. إن ما جرى في تونس ومصر واليمن وجزئيا في الجزائر والأردن هي رسالة واضحة لكل مزوري الانتخابات وفرسان الفساد الإداري والمالي، وقادة الحروب الطائفية وسراكيل الإرهاب، وقامعي شعوبهم وقاضمي الحريات الاجتماعية المدنية، والمتنكرين للوعود والمواثيق، ومخيبي آمال منتخبيهم ، الجاعلين الثروة هدفهم في الحكم، لا تقديم الخدمات وحل مشكلة شعب مغلوب على أمره...

إن ما يثير الدهشة إن إعلام السلطة المصرية ، وبعض تصريحات أزلامها أو "رجالاتها ". ، الذين يبذلون جهدهم لتبرأت الرئيس محمد مبارك من الأخطاء، ويضعونها في رأس الحكومة الفاسدة ، كما يحاولون الفصل بين رجال الأمن والشرطة والجيش الوطني باعتبار الأخير حامي الدستور وحامي الوطن، ناسين أن محمد مبارك هو القائد العام للقوات المسلحة، أي هو المسئول الأول في البلاد ، وهو مسئول عن كل شاردة وواردة في النظام، وهو من يريد أن يورث الحكم لأبنه خالد، وهو المسؤول عن كل الفساد في البلاد من أي جهة يأتي سواء من حزبه الحاكم أو من الوزارة أو من أي فرد من أعوانه، باعتباره يتبنى قيادة نظام شمولي، لا يمت للديمقراطية بصلة ، وكل ما يتشدق به هو أو حزبه وحكومته ما هي إلا شعارات فارغة، هدفها التضليل، والبقاء في الحكم حتى الموت. لا أريد أن أقلل من دور الجيش، الذي غالبا يكون حاسما ، فيما إذا انحاز للشعب، وانقلب على النظام وتمرد على قائده، لكن فقط أردت أن أشير إلى سعي النظام للبحث عن شماعة يعلق عليها أخطائه، فجعل من قوات الأمن والشرطة ، سببا جوهريا في الأزمة، والحكومة هي أس الخراب ولكي تهدأ الجماهير، على القائد "الضرورة"، أن يتخذ قراره بحل هذه الحكومة وإدانتها، فيظهر بمظهر المنقذ الشريف، العادل، وهذا ما فعل فعلا فبعد صمت طويلا تمخض الجبل وولد فأرا ... هل ستجري الأمور كما يشتهي الرئيس ؟ أم أن حتفه سيكون فيما تمناه ؟

إعلام النظام المصري نسي كل الأسباب التي أدت إلى انتفاضة الشعب، ونسي أن العالم كله يرى بأم عينه كيف يقاوم المنتفضون، ويقتحمون أجهزة النظام، متلقين بصدورهم الرصاص الحي ومسيلات الدموع ويرى الجرحى والشهداء، ينسون كل ذلك ويركزون على بعض الأعمال المخربة والمسيئة للانتفاضةـ وربما مدسوسة من قبل أجهزتهم أو من قبل قوى مخربة - للطعن بها وبأهدافها النبيلة وبظروفها الموضوعية، للتقليل من شأنها على الرغم من اعترافهم بالرسالة التي وجهها الشعب إلى النظام، الذي يختزلونها، بالحكومة ويطالبونها بالاستقالة قربانا لبقاء رأس النظام (محمد مبارك) وهو رأس البلاء، بل هو الخراب عينه ...

إن هذه الانتفاضة إذا لم تحقق أهدافها كاملة وفي مقدمتها كنس النظام الفاسد برئيسه وحزبه ووزارته، ستكون انتفاضة، جزئية، تحريكية، فاشلة، لا تحقق ما يتطلع له جمهور المسحوقين، المهمشين، البائسين، المغلوبين من أبناء طين الوطن الطيبين ، وستكون نصرا لأعدائهم من القطط السمان، وأصحاب النفوذ والمقاولات، والسماسرة، والمرابين، ومصاصي دماء مواطنيهم. إن تحقيق الظفر لهذه الانتفاضة واجب وطني، وإن أي تهاون، أو تراجع عن أهدافها، أو أي استجابة لتضليل النظام ، بحجة أن الرسالة وصلت، وانتهت المهمة، فليذهب الجميع إلى بيوتهم ، ويتركوا ردود فعل القائد على رسالتهم، إن جر المنتفضين لهذا المنزلق، يعني إعطاء فرصة جديدة لبقاء النظام باستبدال حكومة فاسدة بأخرى أفسد منها، ولم يبق مبرر لبقائه، وكل إناء بما فيه ينضح ...
تحية لشعب مصر وانتفاضته الباسلة، وقلبي على وطني .




 

free web counter