| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

د. علي إبراهيم

 

 

الأربعاء 26/1/ 2011

 

تونس لن تكون العراق

د. علي إبراهيم

توافرت الظروف الموضوعية والذاتية في تونس فانتفض الشعب، بكادحيه، عماله وفلاحيه، كسبته وموظفيه وكل المتضررين من النظام الشمولي الجاثم على صدور أبناء الوطن لأكثر من ربع قرن وكان الفتيل الذي أشعل هذه الانتفاضة المظفرة هو المواطن الشاب محمد بوعزيزي الذي أحرق جسده احتجاج على احتجاز عربته اليدوية التي يبيع عليها الخضار والفواكه بعد أن ظل لسنوات طويلة يعاني من البطالة على الرغم من حصوله على شهادة جامعية.وهو مثال لآلاف من الشباب العاطلين في كل البلدان التي تحكم من قبل قادة فاسدين، وأنظمة هدفها إفقار شعوبها، والتنعم بثروات البلاد دون رقيب أو معارض .

حدث التغيير على يد التونسيين، وهذا ما كان يتمناه العراقيون وبعض قواهم السياسية، وأظن أن الشعب العراقي قدم تضحيات أكبر على طريق التحرر من النظام الدكتاتوري، ولكن لم يتهيأ له ظرف يمكنه من الانقضاض على السلطة، فحدث التغيير من خارجه وعلى شكل احتلال عان وسيعاني منه لسنوات طويلة، ناهيك عن الحروب الأهلية الطائفية والتدخلات الخارجية الأخرى، كل هذه الظروف وغيرها أنتجتها قوى تعادي الديمقراطية وحدثت في ظل حكومات مبنية على أساس محاصصة طائفية. وقد رسخ هذا النظام، وصار عرفا وسنة، يصعب على الكيانات تجاوزه على الرغم من الإقرار بعدم جدواه والتفكير بإيجاد بديل عابر للطائفية ... لا أظن أن ما حصل في العراق سوف يتكرر في تونس، على التونسيين عدم الاستعجال في إجراء انتخابات ، قد تؤدي إلى ولادة نموذج مشوه قاصر، يصعب معالجته مستقبلا، الوضع بحاجة إلى حكومة مؤقتة مؤلفة من القوى السياسية الحاضرة في الساحة، تتبنى إعادة استقرار البلاد وتقديم الخدمات وحل المشاكل التي خلفها النظام البائد، وسن قوانين انتخابية عادلة ومفوضية انتخابات نزيهة، وقانون أحزاب، وإعطاء فرص متساوية للتعريف ببرامج الأحزاب، والكسب الحر، وبدون أي ضغط (ترهيبي أو ترغيبي)، وعدم استغلال حاجة المواطن في الكسب الحزبي أو تخريب الضمائر، والمنع الكامل استخدام المال العام والخارجي في الانتخابات. وتحديد المصادر المالية للحملات الانتخابية، وتهيئة كل مستلزمات إجراء العملية الانتخابية، من أجهزة متطورة تكنولوجيا ومن رقابة شعبية ودولية، والفصل الكامل بين الدين والسياسة، وأن يثبت ذلك في الدستور، وفي قانون الأحزاب، إذا تم ذلك خلال الفترة الانتقالية المحددة والمطلوبة، ستكون العملية السياسية ناضجة ومنتجة، وأن أي عملية قيصرية، تفرض من قبل قوى انتهازية، سوف تولد نظاما كسيحا مشوها غير قادر على العطاء والتطور، وستغرق البلاد في الفساد المالي والإداري وستسود الشللية، بدلا من تلاحم قوى الشعب بتنوعاته المختلفة، على الحكومة المؤقتة أن تقنع الجميع بأن خطواتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإدارية هي لصالح جميع القوى وعموم الشعب التونسي وبذلك ستدخل تونس على العهد الجديد، بقوة مدعومة من الشعب، وسوف تتحقق العدالة الاجتماعية وتبنى الدولة المدنية العصرية وستكون الديمقراطية أرقى، ولكي يتحقق كل هذا على جميع القوى المحبة للوطن والمخلصة للشعب، أن تتبنى شعار:(الديمقراطية الاجتماعية والسياسية طريق بناء وطن حر موحد سعيد).


 

free web counter