| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

د. علي إبراهيم

 

 

                                                                                      الخميس 24/3/ 2011

 

ذوو الدرجات الخاصة
تعطى من الباب وتسترجع من الشباك!

د. علي إبراهيم

وجدت البرلمانات في العالم لتمثيل الشعب في الدولة ، وكلمة نائب ينبغي أن تكون أسما على مسمي أي نيابة عن مجموعة من الناس، حددت بعدد، يكون هذا النائب صوتها في مجلس يمثل أعلى سلطة تشريعية في الدولة، تسن القوانين، وتراقب عمل السلطتين التنفيذية والقضائية ... ولكن في بلدنا المنكوب، دوره مختلف تماما ينطبق عليه العنوان الآتي:(كيف يمكن للمرء أن يكون ثريا خلال أربع سنوات بدون رأس المال؟) طبعا الجواب هو: أن يُنتخب نائبا في البرلمان أو أحد أعضاء الرئاسات الثلاث أو وزيرا... ولكي لا نظلم الجميع هناك استثناءات قليلة في هذه القاعدة، ومصدر الثروة بالدرجة الأساسية هي طبيعة الرواتب والمخصصات التي منحت لهم والبداية كانت في الجمعية الوطنية التي كان عمرها سنة واحدة وأولى القرارات التي اتخذتها تحديد رواتب النواب ، وبعد ذلك تضاعفت الرواتب دون وجه حق ، يتقاضى النائب راتبا شهريا قدره 12 مليون دينار وتعطى له أحقية في تعيين 30 حارسا بمبلغ قدره 750 ألف شهريا، أي 22500 مليون يعين 5 فقط ،أي : 3,750 مليون ، وبعضهم أقل من هذا العدد، والباقي أسماء وهمية ، أعرف نائبة عينت أمها وأخواتها وذويها في حمايتها، وأعرف بعضهم لا يدفعون سوى (350) ألف،أو(500) ألف للحارس، وهناك جيش من العاطلين يقبل بأقل من هذا المبلغ، وبالتالي يقبض نموذج هذا النائب مبلغا قدره (30،500،000 مليون)، عدا المخصصات والإفادات وغيرها ويمنح في بداية عمله 350مليون تحسين معيشة، هذه المبالغ الرسمية ، إذا افترضنا أن النائب لا يضع هذه الأموال في البنوك ويحصل على فوائد كبيرة، أو إذا افترضنا أنه لا يشغل أمواله في التجارة، أو لا يشتري العقارات في الداخل أو الخارج وإذا لم يأخذ مقاولات حكومية كبيرة، مستثمرا مركزه في البرلمان أو في السلطة التنفيذية، وإذا افترضنا أنه نزيه لا يأخذ الرشا من أحد عبر السماسرة.

ومن هنا نرى إن مشروع قانون تخفيض رواتب ومخصصات رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس النواب والوزراء ومن هم بدرجتهم، وأعضاء مجلس النواب والوكلاء ومن هم بدرجتهم، والمستشارين وموظفي الرئاسات الثلاث، هو خطوة بالاتجاه الصحيح، ولكن وجدت أن الرواتب المقترحة مازالت عالية جدا ، وهي تندرج حسب السلم الآتي :
(17,500،000مليون ، 12،500،000 مليون، 7،500،000 مليون، 6،000،000مليون) . ويسري الحكم هذا على موظفي الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة والرئاسات الثلاث ... وخفض المشروع مخصصات الخطورة إلى 50% ، لموظفي الرئاسات الثلاث، و75% للمديرين. وتضمن المشروع إعادة النظر بالرواتب التقاعدية، للفئات المشمولة بهذا القانون والتي منحت 80% من رواتبهم ...

إن هذه الخطوة التي لم تأت بناء على الإحساس، والشعور بالمسئولية اتجاه أموال الشعب التي أخذت بغير حق لأنها لا تتناسب مع ما قدم من عمل، ولا يتناسب مع إمكانيات وقدرات الكثير منهم ولا مع مؤهلاتهم العلمية، حيث يتساوى خريج الثانوية مع الدكتور الذي يحمل درجة الأستاذية، بل أنها جاءت نتيجة الضغط الشعبي المتجسد بالمظاهرات والاحتجاجات الغاضبة، في جمعة 25/2، وجمعة الكرامة يوم 4/3/2011،والجمع التي تلتها، وليست بمعزل عما حدث في المنطقة من انتفاضات ظافرة أسقطت نظامين دكتاتوريين، وزعزعت عروش أنظمة أخرى فصارت آيلة للسقوط .ومن الجدير بالذكر إن النائبين الشيوعيين (حميد مجيد موسى ، ومفيد الجزائري) قد طرحا في الدورة السابقة مقترح تخفيضها إلى 50% من دون ضغط أو تهديد، ومع ذلك قلت أنها خطوة بالاتجاه الصحيح، ولكن أرى أن هذا المشروع مازال قاصرا وبحاجة إلى دراسة أعمق ، تأخذ بنظر الاعتبار، ظروف العراق وما يعانيه المواطن، والفرق الشاسع بين هذه الرواتب، وبين متوسط الرواتب للموظفين، ولا أقول الحد الأدنى الذي لا يحفظ للمواطن كرامته، إذ كيف يقبل منصف أن نائبا لم يعمل سوى سنتين في الجمعية الوطنية يتقاضى راتبا تقاعديا ضخما،بينما يأخذ أستاذا جامعيا -على سبيل المثال- عمل 20 سنه في التعليم الثانوي أو موظفا، و24 سنة وسبعة أشهر في التعليم الجامعي راتبا تقاعديا بحدود (500- 600 ألفا دينارا) بحجة أنه لم يكمل 25 سنة في التعليم الجامعي، وحال بقية المتقاعدين في الدولة ومعاناتهم محزنة أيضا.

أجد أن البلد بحاجة إلى سلم رواتب جديد، يعطي المواطنين حقوقهم ومستحقاتهم، بالشكل الذي يشعرهم بالانتماء لهذا الوطن، ويرفع عنهم الغبن، ويقدر جهودهم أحسن تقدير، ومن هنا أرى أن مشروع القانون صحوة غير مكتملة ، ينبغي أن ينسب عضو البرلمان للعمل في مجلس النواب، مدة الدورة الانتخابية وتصرف له مخصصات تمكنه من انجاز مهمته وتحسن حالته الاجتماعية، إضافة إلى راتبه، الذي كان يتقاضاه قبل فوزه في الانتخابات لمن كان موظفا، ويخصص راتبا يتناسب مع شهادته لمن لم يكن موظفا ، وتلغي فكرة التقاعد لمن لم تجدد عضويته عبر الانتخابات،ولم يبلغ السن التقاعدي، ويعود لعمله السابق، إذا لم تنطبق عليه شروط التقاعد. وتلغي قاعدة منح النائب مخصصات 30 حارسا ، ويعطى له الحق في ترشيح من يأتمنهم ممن تنطبق عليهم شروط العمل كحارس، ويخضع للفحص من قبل أجهزة أمنية مختصة ... وأدعو للعمل بمهنية عالية في موضوع الكشف عن الأموال التي يمتلكها النائب ، قبل العمل في مجلس النواب وبعده ، وينطبق هذا الوضع على أي درجة خاصة أخرى. وبهذه الطريقة تكون الدولة قد ضمنت للنائب وغيره راتبا عاليا طيلة مدة خدمته ، يمكنه من أداء واجبه ، وتضعه في مرتبة تليق به، وكذلك حققت العدالة لتعاملها مع الجميع ،على وفق ضوابط حددتها بقوانين تنطبق على المواطنين، من دون استثناءات ... لكن القراءة الأولى وما سمعناه من طروحات السادة النواب لا تبشر بالخير، على سبيل المثال طرح مقترح مفاده أن يخفض راتب النائب إلى 8،000،000 ملايين ، ويمنح 12،000،000 مليون مخصصات ، وهذا يعني أن التخفيضات تعطى من الباب وتسترجع من الشباك أضعافا ...
 

 

free web counter