| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

د. علي إبراهيم

 

 

                                                                                      الأربعاء 23/2/ 2011

 

المظاهرات السلمية والوعود المؤجلة

د. علي إبراهيم

الدستور العراقي – المادة 38 يكفل "حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل وحق الاجتماع والتظاهر السلمي إضافة لحرية الصحافة والطباعة والإعلان والإعلام والنشر". وبالتالي لم يفرق الدستور بين الرأي المسيس وغيره، طالما لا يمكن الفصل بين المطالب المشروعة والسياسة، بل أن هذه بحد ذاتها سياسية ، سواء طالب المتظاهرون بتنحية الحكومة التي لم تنفذ وعودها، أو اكتفوا بطلبات تتعلق بتوفير الخدمات ... لذلك أن الفصل بين السياسية والمطاليب العادلة، يعد تعسفا ولا يخدم إلا الحكام ، وهي محاولات لتضليل الجماهير ، والاستمرار في المناصب، على حساب فقر وتهميش وبطالة وعوز غالبية أبناء الشعب ، لكن هناك حقيقة موضوعية ينبغي إدراكها؛ هي إن "الظلم إذا دام دمر".

يقول الحاكم : نحن جئنا بانتخابات وحصلنا على ثقة الشعب! ، ونحن نختلف عن حكام تربعوا على صدور شعوبهم حقب وعهود من الزمن ... وهل معنى هذا ، دعوة للشعب أن يصبر عهودا ، بعد ذلك يكون من حقه الانتفاض عليهم ، والشعب يرى بأم عينه، كيف يتهافت الحكام الجدد على السلطة، ويغيروا بالدستور والقوانين من أجل بقائهم ...
يقول الحاكم : إن من يقف وراء هذه المظاهرات هم أحزاب فشلت في الانتخابات!؟ دون أن يذكر لماذا فشلت بالانتخابات؟ لم يذكر قانون الانتخابات الجائر، الذي فصل على مقاسهم ، لم يذكر التزوير ، لم يشر إلى المال العام وأجهزة الدولة التي وظفت، كلها لصالح الحملات الانتخابية، لم يتطرق إلى المال الخارجي ، لم يتطرق إلى استخدام الدين، وغض الطرف عن العزائم والرشا في الريف والمدينة ... ومع كل ذلك هل هناك في الدستور بند أو مادة تحرم الفاشلين في الانتخابات من مواصلة نضالهم لصالح المحرومين والمتضررين والمخدوعين من أبناء شعبهم ؟... وفي هذا المقام لا بد من القول أن غالبية المنتفضين هم من المصوتين للقوائم الفائزة هم يقولونها ليل نهار " نحن انتخبناكم ولم تنفذوا وعودكم " يقولونها بمرارة المخدوع ، وبصحوة الثائر المنتفض...

يقول الحاكم : وراء هذه مظاهرات أحزاب لها أجندات سياسية!؟ غريب هذا المنطق، إذ كيف يمكن الفصل بين مطالب الناس والسياسة، ألم يكن نضال الشعب العراقي في كل الحقب، مرتبطا بأهداف سياسية، وارتبطت السياسة برغيف الخبز، والجوع كان وراء كل الثورات في العالم. نحن مع تسييس المظاهرات لكننا ضد الأهداف الحزبية الضيقة، والفرق بينهما كبير.

يقول الحاكم : نحن مع المظاهرات المطلبية السلمية،شرط أن تكون مجازة.

ويقول بعض حكام المحافظات : لا نمنحكم إجازة في يوم 25 شباط ، اطلبوا يوما آخر.

يقول الحاكم : لقد فوت المتظاهرون الفرصة عليهم ، بسبب حدوث أعمال شغب في الكوت !؟ ذكرني هذا القول بأساليب التدريب العسكري في الجيش السابق ، حيث يعاقب (الفصيل) عقابا جماعيا، لأن أحد أفراده أرتكب خطأ ... هل حقا هكذا تضيع الفرص !؟ فرص الحصول على العمل للعاطلين ، وفرصة تحسين البطاقة التموينية، وتقديم الخدمات، وزيادة رواتب المتقاعدين، وتثبيت العاملين بعقود، وفرصة القضاء على الفساد المالي والإداري ، وترشيد الوزارات حتى لا يهدر المال العام من أجل إرضاء هذه القائمة أو تلك، وحتى يبقى الحاكم حاكما.

أدعو الساسة العراقيين إلى مواجهة الأخطاء بشجاعة ومعالجتها، والكف عن تعليق الأزمات على شماعة الخارج وعلى المارقين وغيرهم والكف عن الوعود المؤجلة ، فهذه الجماهير تريد حلول جذرية ، تخفف معاناتها، وبإمكانية العراق وقدرات أبنائه، يمكن تجاوز الأزمات إذا ما استثمرت ميزانية الدولة بشكل عقلاني ، وحضاري، وإذا ما حاصرنا الفساد المالي. وحققنا عدالة التوزيع للموارد.

 

 

free web counter