| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. علي إبراهيم

 

 

 

الأربعاء 21/7/ 2010

 

ثورة 14 تموز وسر الموقف الوطني الثابت

د. علي إبراهيم

انطلقت في 14 تموز 2010 مسيرات حاشدة في بغداد وغالبية المحافظات،كما نظمت احتفاليات بين الجاليات العراقية في الخارج ، أسهم في تنظيمها الحزب الشيوعي العراقي وعدد من الأحزاب الوطنية الديمقراطية وشخصيات وطنية ، تعبيرا ووفاء لثورة الشعب والجيش ، الثورة الجبارة التي قضت على عهد فاسد ، وضع نفسه في مصلحة الاستعمار الأجنبي وضد الشعب وطلائعه الوطنية التي تعرضت للبطش والسجون والمعتقلات والإعدامات. وربما لا يحتاج المقام للتفصيل بأهداف الثورة وما قدمته لأبناء الشعب العراقي خلال 1649 يوما أي أربع سنوات وستة أشهر وبضعة أيام ، تمكنت الثورة بهذه الحقبة الصغيرة من تقديم منجزات كثيرة وكبيرة للعراقيين ، ما زالت معالمها شاهدة ، ويبدو أن من أهم الدروس البليغة التي جعلت ذكرى الثورة خالدة إلى الأبد هي نزاهة وإخلاص وتفاني قادتها الذين أعدمتهم زمرة انقلابيي 8 شباط الأسود . وهذا درس بليغ ينبغي أن يتعلم منه قادة اليوم ، بعد أن اثبت التاريخ وطنية الشهداء الأبرار قادة ثورة 14تموز .

المسألة الأخرى التي يعجب منها الكثيرون ، هو سر العلاقة المخلصة بين الحزب الشيوعي العراقي وثورة تموز المجيدة ، والموقف الصادق من عبد الكريم قاسم ،وهو الذي كان يلاحقهم ويزجهم في السجون والمعتقلات ؟، وطبعا كان يتم ذلك بتحريض من البعثيين وأعداء الشيوعية الذين اتحدوا على الشر والعدوان والنوايا السيئة وضد مصلحة الوطن , على الرغم من أن عبد الكريم قاسم قد قربهم وأشركهم بالحكم ، مما سهل لهم الانقضاض عليه وإعدامه دون محاكمة ، بينما بقي الشيوعيون يدافعون عن الحكم الوطني وعن الثورة على الرغم من الأخطاء الفادحة التي كانت ترتكب، عن قصد أو من دونه أو بتحريض من هذا وذاك ، لكن الشيوعيين تمسكوا بجوهر القضية وهو الحفاظ على وطنية الثورة وتطوير النهج باتجاه الديمقراطية وبناء دولة المؤسسات وتداول السلطة وسن دستور دائم ... وهذا المشروع كان يمكن تحقيقه بعقول وسواعد المخلصين وهم كثر ، ولم يكن الحزب الشيوعي العراقي في ذلك الوقت يؤمن بالانقلاب علي الجمهورية الفتية ، وهو الذي أصلا لا يؤيد الانقلابات ، ولو أراد لكان باستطاعته أن يحدث هذا التغيير بما لديه من ضباط مخلصين يحيطون بالزعيم عبد الكريم قاسم ، وبما لديه من جماهير واسعة من كل الطبقات والفئات الاجتماعية ، وخير دليل :المظاهرة المليونية التي خرجت في بغداد عام 1959، لم يستطع أي حزب خارج السلطة من تنظيم مثل هذه المظاهرة ، حتى يومنا هذا ... ولكنه وضع المصلحة الوطنية العليا فوق المصلحة الحزبية الضيقة ، وهذا درس آخر نحتاجه اليوم في تشكيل الحكومة التي دخلت في نفق الشخصنة الذاتية والمنفعة الجهوية ...

هذه الأسباب وغيرها جعلت الحزب مدافعا عن ثورة تموز وعن قيادتها النزيهة، بشهادة الأعداء قبل الأصدقاء ، ومنها مذكرات هاني الفكيكي (أوكار الهزيمة) وتصريحات أحد قادة انقلابي 8 شباط (علي صالح السعدي): " جئنا إلى الحكم بقطار أمريكي" وتصريحات صلاح عمر العلي في لقاءاته التلفزيونية ، وكتاب (من حوار المفاهيم إلى حوار الدم ) لطالب شبيب وغيرها ، وآخر ما قرأت كتاب دولة الإذاعة لإبراهيم الزبيدي، البعثي والقريب من قادة حزبه، ومن القوميين وصديق طفولة صدام حسين ويعرف أسرارا كثيرة عن قادة الانقلابات جميعهم ،ثبتها في كتابه - وكان شاهد عيان- فوصف إعدام الشهيد عبد الكريم قاسم في الإذاعة دون محاكمة بما يأتي :" حين بدأ إطلاق الرصاص هتف عبد الكريم قاسم (عاش الشع..) ولم تمهله الرصاصة ليكمل هتافه بحياة الشعب العراقي " وفي مكان آخر من كتابه أورد: " الذي سمح بعرض جثة الزعيم على شاشة التلفزيون هو البكر نفسه ليسجل للتاريخ سابقة لا تغتفر ، ظلت ، وسوف تظل وصمة عار في جبين الحزب الذي أعاد العراق والعراقيين عشرات السنين إلى الوراء ".

وهذه الأمور قد أدركها الحزب الشيوعي العراقي ،واستشرف المستقبل واستقرأ ما سوف يحل بالعراق لو نجح الإنقلابيون الفاشيون ، لهذا تصدى لهم - على الرغم من أنه كان شبه أعزل- فقدم خيرة أعضائه وأصدقائه من أبناء الشعب العراقي، في مقدمتهم سكرتير الحزب سلام عادل، وعضوا المكتب السياسي محمد صالح العبلي وجمال الحيدري دفاعا عن الجمهورية العراقية ،ومبادئ ثورة تموز الوطنية الديمقراطية ومازال الشيوعيون العراقيون يحتفلون بهذه المناسبة عاما بعد عام ، كما حدث في المظاهرات الأخيرة التي لم تستهدف إحياء الذكرى الخالدة حسب بل رفعت شعارات مطلبية آنية ، إلى جانب المطالبة بالتعجيل في تشكيل حكومة الوحدة الوطنية.


 

free web counter