| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

د. علي إبراهيم

 

 

                                                                                      الأثنين 1/8/ 2011

 

حينما يفشل البرلمان

د. علي إبراهيم

لم يصوت البرلمان في جلسته قبل يومين بتأييد حجب الثقة عن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات ، ضاربا عرض الحائط كل قاضيا الفاسد المالي والإداري التي طرحت في الجلسة المكرسة لاستجواب المفوضية، وكان رد المفوضية ضعيفا وبعيدا عن الإقناع، وثبت عليها فساد في قضية هي من أخطر القضايا، التي تتعلق بعملها وبمستقبل العراق ومساره الديمقراطي ونعني هنا قضية فرز الأصوات وإمكانية التلاعب بها أو بالأحرى سرقتها ، لصالح هذا الطرف أو ذاك ، وتسقيط بعض الكيانات التي لا تسير في فلك من له تأثير على المفوضية.

كانت تلك الجلسة من أفضل جلسات البرلمان، امتازت بالشفافية والوضوح والجرأة ، وبالمنهجية في المناقشة وبالتوثيق لكل الآراء والملاحظات، وكان العراقيون ينتظرون القرار العادل والحاسم والموضوعي، الذي يقرب قطار العملية السياسية من السكة الصحيحة، لكنهم فوجئوا بالبرلمان يصفق لعدم سحب الثقة، بل حتى عدم تجريم أحد من مجلس المفوضين، وكأن شيئا لم يكن وذهب كل الصراخ الصادر عن كل الأطراف حول فساد المفوضية وعدم نزاهتها أدراج الرياح، ومن المفارقة أن النواب الذين ضجت القاعة بتصفيقهم لتوجيه الاتهامات إلى مجلس المفوضين ، هم أنفسهم الذين صفقوا لقرار البرلمان بعدم سحب الثقة، وهو القرار الذي ترك العملية السياسية بأزماتها في عمق نفقها المظلم       .

إن الجماهير العراقية وبعض أحزابها الوطنية والقوى الديمقراطية وعامة الحريصين على تطور العملية السياسية بالاتجاه السليم، وجدوا أن حل أزمة النظام في البلاد ومن ضمنه حل أزمة الحكومة، يكمن في الانتخابات المبكرة وهذه لا يمكن أن تضمن سلامتها إلا بتغير المفوضية العليا المستقلة للانتخابات ، إلى جانب تغيير قانون الانتخابات المجحف، وسن قانون للأحزاب ، وإجراء التعداد السكاني.

إن تغيير المفوضية ، لا يتطلبه الحل الآني المقترح وحده، ونقصد  إجراء الانتخابات المبكرة بل تتطلبه أيضا الانتخابات القادمة سواء للأقضية والنواحي أو لمجالس المحافظات وللبرلمان المقبل، وكل هذا له علاقة بمستقبل العراق وتطوره على كافة الأصعدة: السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية وكذلك يؤثر على الصراع حول شكل الدولة في العراق.

هل خطرت في بال  البرلمانيين كل هذه الأمور وهم يصوتون ضد سحب الثقة عن المفوضية الفاسدة، التي لا تتمتع باستقلالية ولا تأهيل لإجراء انتخابات نزيهة تقرر مصير الشعب العراقي ومستقبله؟

أرى أن البرلمان لا زال لديه الوقت الكافي لإعادة النظر بقراره ، وإن على الحريصين من الأحزاب السياسية والبرلمانيين أن يلعبوا دورا طليعيا لتغير هذا القرار، ومن ثم وضع قانون انتخابي ملائم لطبيعة بلدنا، والإسراع بإجراء التعداد السكاني، وسن قانون الأحزاب وذلك بالإفادة من كل الملاحظات التي يطرحها المخلصون من أكاديميين ومهنيين وأحزاب وشخصيات مستقلة ومثقفين ومراكز أبحاث، ولا بأس من طرح المسودات لمناقشتها على مستوى الشارع العراقي صاحب المصلحة الحقيقية، بالإضافة إلى الإفادة من تجارب الشعوب الناجحة في هذا المجال .          

 

 

free web counter