| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

د. علي إبراهيم

 

 

                                                                                      الأحد 13/2/ 2011

 

سقوط طاغية مصر إنذار لكل الطغاة الفاسدين

د. علي إبراهيم

سقط الطاغوت على يد أبناء وبنات الشعب المصري، ولهذا الحدث مغزى عظيم ، فالنظام المصري السابق من أعتا الأنظمة في المنطقة العربية، يمتلك جهاز استخباراتي وأمني رهيب، وظف ثروات طائلة لماكينته الإعلامية، وأخرى لشراء الذمم الرخيصة، وزج بآلاف المعارضين في السجون، زيف الانتخابات وزورها ، وأقصى أحزابا عريقة بأساليب أكثر وساخة منه. وظل متربعا على كرسي الحكم أكثر من ثلاثين عاما، حتى ظن أنه باق إلى الأبد، بل بدأ يفكر بتوريث الحكم إلى ولده، وبالتالي أفرغ مفهوم الجمهورية من محتواها، كما فعل غيره من المستبدين... وبدأ يتصرف وكأنه في مأمن مادام بيده الجيش والشرطة والجواسيس المحليين ، ودعم الحكومات التي على شاكلته في الوطن العربي، والدعم الخارجي، المستفيد منه، وعلى القطط السمان، الذين سرقوا أموال الشعب، وعلى البرجوازية الطفيلية، التي أنشأها بتمويل مصرفي حكومي، وبتسهيلات كريمة ، للحصول على مشاريع ومقاولات، تدر عليهم أموالا طائلة، متجاهلا القاعدة العريضة من العمال والفلاحين والخريجين العاطلين عن العمل، والكسبة التي عانت من الحرمان، وانسحقت ملايين من المواطنين، مستهينا بأهم مبدأ للثورة وهي القاعدة الجماهيرية صاحبة المصلحة في استمرارية الحكم الذي يمثلها، وحين تتكسر هذه العلاقة ، وتتناقض أهداف الحكم مع أهداف الشعب لا بد من أن يحدث التغيير، وسيكون حتميا، وينتهي بالنصر المظفر لأصحاب المصلحة الحقيقة وهم الطبقات المهمشة في المجتمع ، وهذا ما حدث بالفعل مصر وسوف يحدث في كل بلد يحكمه الطغاة، المستهينين بهذه القدرة الجبارة الحاسمة ...

إن النظام المصري وتحديدا رأس النظام ، حاول التشبث بالسلطة حتى آخر لحظة ، وجرب كل مكره وخداعة ، جعل من نفسه الحكم وليس الخصم، وكأنه غير معني بهذا الصراع الدائر بين الحكومة والثائرين، وظهر بدور المنتصر للمنتفضين فحل الحكومة، وشكل حكومة أخرى من القوى الدائرة في فلكه ، فلم ينجح. لجأ إلى أسلوب آخر (ديموغوجي)، وهو تحريك مرتزقته في مظاهرات "موازية "، ارتكبوا جرائم قتل وسرقات ، فانقلب السحر على الساحر... تخلى عن صلاحياته إلى نائبه، لكن دون جدوى... كانت الجماهير المنتفضة واعية ، ومؤمنة بالنصر الأكيد، فظلت صامدة يزداد عددها يوميا، فلم يبق أمامه إلا الهرب كأي جرذي أجرب ، تاركا وراءه عاره وهزيمته وأيتامه من الفاسدين والمجرمين الذين ستلاحقهم العدالة ، ليدفعوا ثمن تلك الجرائم ...

طاغية مصر كان أقوى الطغاة في المنطقة كلها. وهذا درس بليغ، هل سيتعلم منه الحكام الدكتاتوريون ، أم يتجبروا ويتكبروا على قوانين الطبيعة والمجتمعات والثورات ...والثورة قادمة حتما بغض النظر عن إراداتهم ومكائدهم، وزهوهم بانتخاباتهم المزورة لإرادة الناس ، أو الخادعة لهم ...

المعيار إذن لمن يريد البقاء في السلطة هو النزاهة ، وتقديم الخدمات، وحل الأزمات التي يعاني منها الشعب ، والحريات الديمقراطية، والاجتماعية، والتجرد عن المنفعة الذاتية،والحزبية الضيقة، والتعصب القبلي والقومي والمذهبي ... والمطلوب الشفافية، والموقف السليم من المال العام والابتعاد عن المحاصصة الطائفية والعرقية... وغيرها من المواقف المبدئية الكثيرة ، التي هي الحامية لسلطة العدالة الاجتماعية، سلطة الشعب الحقيقية ...


 

free web counter