| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

د. علي إبراهيم

 

 

                                                                                      الخميس 11/8/ 2011

 

الجريمة والعقاب
فضائح لوزراء العهد الجديد

د. علي إبراهيم

ليس بعيدا عن رواية الكاتب الكبير دوستويفسكي (الجريمة والعقاب) والتي تتلخص بأن شابا جامعيا موهوبا فقيرا محتاجا يقدم على قتل مرابية ظالمة تستغل حاجة الناس للمال، فترهن أشياءهم مقابل فوائد خيالية، ومع ذلك لن ينجو هذا القاتل من العقاب ... وهكذا نقرأ ونسمع عن كثير من الجرائم التي تنتهك فيها الأعراض وتنهب الأموال، وتقتل النفوس، يرتكبها أشخاص بؤساء هامشيون، يلاحقهم القانون ويقتص منهم ، وبعض تلك الجرائم ، تظهر للعلن وتصبح حديث الناس بكل تفاصيلها وبزيادات كثيرة... فتصير عارا ليس فقط على الجاني وإنما تلحق الأذى بالأخوة والأخوات والعائلة كلها، وقد تشمل دوائر كثيرة من العائلة أو العشيرة ... كل هذا لا اعتراض عليه، فالجريمة هي الجريمة سواء أكانت صغيرة أم كبيرة، وينبغي أن يأخذ الجاني عقابه بغض النظر عن دوافعه أو حاجته... ولكن هل كل الجرائم التي ترتكب في مجتمعاتنا يجري التعامل معها بالجدية نفسها؟ والجواب يأتي سريعا لا ! . فنحن نسمع عن جرائم عديدة ترتكب من قبل القادة والسياسيين في الدولة، دون أن نسمع ردود الفعل المناسبة سواء من  قبل الجهاز التنفيذي أو القضائي وحتى من قبل السلطة التشريعية (ممثلة الشعب)،  بل نسمع عن تهريب الوزير الفلاني لكي يفلت من التحقيق والمحاسبة، ولكي لا يفضح زملاءه المجرمين وهم المتنفذون في الدولة، ونسمع عن مشاريع إعفاء عن مزوري الشهادات، أو ممن ارتكبوا جرائم في زمن النظام البائد أو العهد الجديد وهم كثيرون وبحجج واهية.

وكنا نرى الحكام ترتكب الجرائم في وضح النهار، من إعدام أصحاب الرأي أو سجنهم ، والسكوت عن جرائم ترتكب في الشارع، مثل التصدي لمتظاهرين مسالمين عزل  بالرصاص  الحي أو الضرب والاعتقال أو محاولات إلصاق التهم الباطلة بحقهم ، وتلجأ بعض السلطات، إلى استخدام أساليب البلطجة والمافيا والتزوير وجرائم الاغتيال السياسي. ولسان حال المواطن المغلوب على أمره يقول: (من يستطيع الكلام؟ هؤلاء حكومة!) حتى يئست الشعوب من التغيير، ولم تتبدد هذه الخيبة إلا عندما رأت (صدام حسين وأركان نظامه في قفص الاتهام) وهو من أكبر طغاة العالم وأشرسهم، وكانت فرحتها منقوصة لأن التغيير لم يأت على أيدي أبناء الشعب العراقي، وازداد أملهما عندما رأت انهيار نظام تونس وهرب رئيسه ، وانهيار أكبر نظام في المنطقة، بما يمتلكه من أجهزة قمعية، ألا وهو النظام المصري، وأصبح رئيسه ورموزه تحت طائلة القانون، وقد وقفوا في قفص الاتهام، وهناك أنظمة كثيرة على الطريق، وهذه المرة تم التغيير بسواعد أبناء البلد، لا بانقلاب عسكري ولا  باحتلال أجنبي. ولذا أصبح الأمل كبيرا وواسعا أمام الجماهير التي تتطلع عيونها لرؤية المجرمين الكبار من قادة. ووزراء وكل مصاصي دماء شعوبهم في قفص الاتهام، أذلاء منبوذين وعبرة لمن يعتبر.   

واليوم في عراقنا تكرر تلك  الجرائم ، وبأشكال مختلفة : تزهق أرواح بريئة، وتنتهك مبادئ حقوق الإنسان، على كل المستويات،  وتزداد عمليات النصب وسرقة أموال الشعب ومستقبله من قبل وزراء  العهد الجديد وغيرهم، وذاكرة الشعب لا تنسى بعض الأسماء التي أشير إليها كونها ممارسة للفساد. وآخر ما سمعناه  هي  مهزلة العقود المبرمة بين وزارة الكهرباء وشركة كندية وهمية ، لا وجود لها إلا على الورق ، الصفقة التي عقدت بـ (بليون ومائتي دولارا) وأخرى مع شركة  ألمانية مفلسة، بمبلغ 500 مليون يورو.

وحين انكشف المستور، أقال رئيس الوزراء وزير الكهرباء، وبغض النظر عن دوافع هذه الإقالة والسرعة التي تمت بها!  وكان الأجدر إجراء تحقيق لمعرفة المتورطين بهذه القضية، وإحالة  الوزير إلى مجلس النواب لاستجوابه أو إلى  القضاء، لأن الإقالة بهذه الطريقة ستكون مكافأة كبرى له، لو كان مذنبا. وربما سيهرب كما فعل أقرانه، ويضيع حق الشعب، أو سيلقى القبض على الرؤوس الصغيرة الهامشية، دون أن يمتد الاعتقال إلى الكبار، كي يقطع رأس مدبر ومخطط الجريمة.

 

 

 

free web counter