| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الأحد 8/5/ 2011                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

لعبة الغميضة وراء الانفلات الأمني

عدنان حسين
 

بخلاف ما يُعلنه كبار قادة الدولة المدنيين ويحاول أن يؤكده القادة الأمنيون من أن الوضع الأمني في البلاد يسير من سيئ إلى أحسن، وليس أسوأ، وان العراق هو البلد الأكثر استقراراً في المنطقة، فان الإرهاب الخارجي والداخلي يواصل الضرب أينما يشاء ووقتما يشاء من دون تردد.والإرهاب الخارجي هو القادم الينا عبر الحدود بمساعدة الجيران غير الأمناء.

اما الداخلي فهو الذي تدبّره قوى محلية مشاركة في الحكم، ومع ذلك تحتفظ بميليشياتها المستترة وعصاباتها المنظمة وتستخدمها في تصفية الحسابات مع بعضها البعض وفي تفجير الوضع الأمني كلما اشتدت خلافاتها على المناصب والمغانم، وهذا النوع من الإرهاب هو الذي يتصدر المشهد الأمني الآن بعد انحسار الإرهاب الخارجي.
الإرهاب متمكن في بلادنا، يعمل بكل راحة ومن دون وجل، حتى انه يستطيع أن يفجّر سيارتين مفخختين في يومين متتاليين في المكان عينه في المدينة ذاتها وعند موقع الشرطة نفسه، كما حدث في مدينة الحلة يومي الخميس والجمعة!.. هل ثمة تمكّن وراحة أكثر من هذا؟
لماذا يحدث كل هذا وكيف يحدث؟ هل هناك خرق للأجهزة الأمنية، أم هو تواطؤ وتساهل مع الإرهابيين؟ أم انه إهمال وعدم مبالاة؟
انه هذا كله مجتمعاً.. هذه هي الحقيقة. وهذا المُركّب من الخرق والتواطؤ والتساهل والإهمال وعدم المبالاة، هو نتيجة منطقية للوضع السياسي"الفالت". فهذا"الفلتان"الأمني المتواصل هو انعكاس لـ"الفلتان"السياسي، وهذا بدوره يعكس المستوى المتدني من الوعي والمعرفة السياسية لقادة الأطراف السياسية الممسكة بالعملية السياسية.. تبدو السياسة معهم مثل لعبة أطفال ليس لها نواظم أو ضوابط ولا قواعد او أحكام... لا يتحالفون في ما بينهم على الأصول ولا يعارضون بعضهم بعضاً على الأصول.. يفتقدون الى النزاهة والكياسة والأخلاق الرياضية في التعامل في ما بينهم.. السياسة لديهم صراع على المكاسب الشخصية والحزبية العاجلة بأي وسيلة وبأي ثمن حتى لو كان بخساً للغاية، وهذا هو السائد الآن.
صورتهم هذه، المعروضة على الجميع بأسطع الألوان وأوضح التفاصيل على مدار الساعة ليلاً ونهاراً، لا تبعث على احترامهم بطبيعة الحال.. انهم لا يبدون لنا قادة يحترمون أنفسهم ويحترمون بعضهم بعضا ليكونوا موضع ثقة وتقدير ولو بأدنى حدّ. وهم لا يبدون كذلك لمن يعمل تحت إمرتهم من قادة أمنيين ومدنيين ولا لمن يعمل تحت إمرة هؤلاء من موظفين، فيكون التسيب والإهمال وعدم المبالاة، وبالتالي الاختراق والتواطؤ مع الإرهابيين الذين يعملون مطمئنين الى انهم يستطيعون أن يضربوا حيثما يشاؤون.
عدم استقرار الوضع الأمني الآن لا يعود الى عدم النجاح في تعيين وزراء أمنيين بعد نحو ستة أشهر من تشكيل الحكومة.. انه يرتبط في الأساس بعدم استقرار الوضع السياسي، وأزمة الوزراء الأمنيين نتاج طبيعي للأزمة السياسية المتواصلة منذ إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية قبل سنة.. الوضع الأمني لن يستقر من دون استقرار سياسي، وهذا الأخير لا يكون ما لم يدرك السياسيون ويتعلموا ان مهنتهم ليست لعبة غميضة في زوايا الغرف وخلف أبوابها وتحت أسرّتها أو وراء جذوع الأشجار.. انها لعبة رياضية بأخلاق رياضية. وبخلاف هذا تكون لعبة جهنمية لأنها تتعلق بمصائر الناس.




العدد (2124) الأحد 08/05/2011






 

 

 

free web counter