| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الأحد 8/4/ 2012                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

لجوء فـي كردستان

عدنان حسين   

عند المدخل الجواني لمعرض أربيل الدولي الذي يقام عليه الآن معرض الكتاب، جاء عبد السلام برواري ليأخذني إلى مطعم نتغدى فيه بدعوة منه. ليس جديداً أن التقي عبد السلام ويدعوني إلى غداء أو عشاء، فهو صديق تمتد معرفتي به إلى نحو عشرين سنة، لكنها المرة الأولى التي نلتقي فيها وهو عضو في برلمان كردستان.

جاء عبد السلام إلى معرض الكتاب وراح يبحث عني بين رواد المعرض.. تصافحنا وتعانقنا ثم مشينا إلى باحة السيارات.. لم أجد النائب عبد السلام مختلفاً عما كان عليه منذ عشرين سنة.. تلفتّ يميناً ويساراً لأرى كم حارساً مدججاً بالسلاح يحميه .. ولا واحد! وكم مرافقاً يمشي وراءه.. ولا واحد! حتى سيارته لم يدخل بها الى كراج كبار الزوار وأعضاء اللجنة المنظمة للمعرض، بل ركنها في الكراج العمومي. وحتى عندما ذهبنا الى المطعم لم يستعمل سيارته الحكومية، بل انتقلنا الى سيارة صديق مشترك، هو آزا حسيب قرة داغي الذي صار سائقنا. وبالطبع لم تكن هناك سيارات تنطلق أمامنا ومن خلفنا تزعج الناس بزماميرها المدوّخة وبإرغامها سائر السيارات على الذهاب إلى الجحيم لفتح الطريق لموكب النائب كما يحصل عندنا على مدار الساعة في بغداد.
لم أستوضح عبد السلام عن الأمر، فثمة صديق آخر كان لا يحفل بـ"الكبكبة" التي يستقتل عليها أعضاء مجلس النواب الاتحادي، هو عدنان المفتي رئيس برلمان كردستان السابق الذي ظل أيضاً يعيش في بيت العائلة المؤجر المتواضع للغاية الى وقت قريب. وكما أعرف فانه ما من وزير أو نائب في الإقليم يمشي في موكب.
ليست حال عبد السلام برواري وعدنان المفتي التي تعكس حال الأمن الوطيد في الإقليم، ما يجعل أربيل مختلفة عن بغداد، فكل شيء في عاصمة الإقليم لا يشبه ما في عاصمتنا الاتحادية.. الفورة العمرانية، نظام المرور، نظافة الشوارع، الحياة الثقافية والفنية، مرافق الترفيه، توفر الكهرباء.. الخ.
كنا عصبة من خمسة إعلاميين سافرنا بالسيارة من بغداد إلى أربيل لحضور معرض الكتاب الذي تنظمه مؤسسة المدى بالتعاون مع وزارة الثقافة في الإقليم (المعرض في حد ذاته حكاية نجاح للإقليم في مقابل فشلنا الشامل المركب في بغداد). وفي الطريق من بغدادنا إلى أربيلهم عبر تكريت وكركوك مررنا بالعديد من البلدات والقرى التي رأينا فيها أيضاً صورة الخراب المزمن الممسك بتلابيب عاصمتنا، فيما تصبح الحكاية مختلفة بعض الشيء عند كركوك وكثيراً قبل عشرات الكيلومترات قبل أربيل وكلياً في أربيل.
عصبتنا الخماسية ظلت تبحث بطول الطريق إلى أربيل وفي الأمسيات الأربيلية عن سر تقدم الكرد السريع، حظ ونصيب؟ شطارة؟ جينات؟. أحدنا، هو الصحفي النبه سرمد الطائي، لديه تفسير لم يمل من تكراره: إنهم يُحبون بلدهم.. ونحن لا!
في إحدى الأمسيات التي ناقشنا فيها تدهور حال السجال السياسي في بغداد وتردي أحوال البلاد العامة، قال أحدنا مقترحاً: ما رأيكم إذا ضاقت بنا السبل نقدم لجوءاً لدى الكرد. لم يعترض أحد منا أو يستنكر .. ومن يدري فأوضاعنا الواقفة عند حافة الهاوية حالياً قد يدفع بها أمراء الطائفية والفساد إلى الهاوية، فلا نجد ملاذاً غير كردستان مثلما كانت عليه حالنا (وبيننا معظم هؤلاء الذين في أيديهم السلطة في بغداد الآن) في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي.
 

المدى
العدد (2447) الأحد 8/4/2012



 

 

free web counter