| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الأربعاء 8/6/ 2011                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

نريد من الحكومة طحنا لا جعجعة

عدنان حسين

القرار ببث اجتماعات مجلس الوزراء الخاصة بمراجعة حصيلة المئة يوم على الهواء التلفزيوني مباشرا، يعكس اهتمام دوائر الحكومة على أرفع المستويات بهذه المراجعة.. هذا هو المفروض، لكن الإشارات المرافقة الأكثر قوة تقول شيئاً مخالفاً.فمن المفروض أيضاً أن تُظهر الحكومة قدراً غير قليل من التقدير لشباب الفيسبوك الذين يقفون وراء العملية التي قادت إلى المراجعة التي تتفاخر بها الحكومة الآن وتبدو متحمسة لها.

فالمدة المئوية الموعودة وعملية المراجعة التي بدأت للتو ما كان لهما أن تكونا لولا تلك المبادرة التي أطلقها هؤلاء الشباب بالدعوة الى التظاهر على غرار ما جرى في تونس ومصر، ولكن من أجل إصلاح النظام السياسي في العراق وليس إسقاطه، وهو إصلاح اقتنع الشباب ومعهم أغلبية الشعب العراقي بضرورته ولزومه لحل المعضلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعهد النظام الجديد بمعالجتها من أجل تأمين الحياة الكريمة لشعب انتهكت حقوقه وحرياته على مدى عقود عديدة لم تنقطع حتى اليوم.
من اللازم قول هذا لإعادة الفضل إلى أصحابه الذين تحدّوا، بإصرارهم على تنفيذ دعوتهم، الموقف العدائي للحكومة والطبقة السياسية المتنفذة تجاه حركتهم البناءة. وهي حركة تركزت أهدافها على تحقيق وتعزيز النظام الديمقراطي الذي تبنّاه الشعب عبر تصويته على الدستور.
لكن أولئك الشباب كان جزاؤهم جزاء سنمار من الحكومة التي تتغنى الآن بأنها تعمل على الاستجابة لحاجات الشعب ومطالبه التي رفعها المتظاهرون. فعدا عما واجهوه من معاملة قاسية في مظاهراتهم الأولى في الخامس والعشرين من شباط، وصلت حد إطلاق الرصاص الحي وقتل وجرح العشرات واعتقال عدد من الشباب أنفسهم وإساءة معاملتهم على نحو وحشي، تواصل هذا النهج في الأسبوعين الأخيرين باعتقال مجموعة أخرى من هؤلاء الشباب بصورة غير قانونية، وإساءة معاملتهم أيضاً بما يتعارض تماماً مع أحكام الدستور والقوانين النافذة. وكانت هذه إشارة قوية أخرى إلى أن الحكومة متمسكة بموقفها العدائي من الشباب وحركتهم.
وتعززت هذه الإشارة أكثر بارتفاع وتيرة الهجوم من رئيس الوزراء والمقربين منه على المتظاهرين ومنظمات المجتمع المدني المتجاوبة مع مبادرة التظاهر والمنخرطة فيها.
في مثل هذه الأجواء ليس من المحتمل أن تُسفر المراجعة الحكومية المتلفزة عما يتطلع اليه الشعب من تأمين احتياجاته الأساسية ومعاملته معاملة كريمة، فلو كانت الحكومة مقتنعة بما طالبت به حركة المتظاهرين لما تعاملت معهم على هذا النحو، ولا حتى اضطرت الى عقد الاجتماعات العلنية، فضلاً عن انه تعيّن عليها أن تتخذ من الإجراءات ما هو حازم وحاسم لمكافحة الفساد، آفة البلاد الكبرى، وللبدء بالتخفيف من نظام المحاصصة الذي هو صندوق المفاسد والشرور كلها، كترشيق الحكومة بالتخلص من وزراء الدولة مثلا قبل البحث عن الوزراء المقصّرين، وباختصار نواب رئيس الجمهورية إلى واحد وليس زيادة عددهم إلى ثلاثة.
الشعب لا يهتم ببث المراجعة على التلفزيون.. انه معنيٌّ بالمضمون لا بالشكل.. لا يريد المزيد من الصداع لرأسه المتصدّع أصلاً بأوجاع وهموم الحياة اليومية وضغوطها الشديدة، فأية وعود جديدة أو تبريرات وذرائع لن تغنيه في شيء.. انه غير مهتم بالسلة لأنه يريد العنب، وهو لا يريد الجعجعة وإنما الطحن.



العدد (2154) الأربعاء 8/06/2011






 

 

 

free web counter