| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الأحد 8/1/ 2012                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

ديمقراطيتهم.. و"ديمقراطيتنا"

عدنان حسين

نعم هذه هي الديمقراطية.. الديمقراطية الحقيقية المختلفة تماماً عن ديمقراطيتنا المزيفة، أو الناقصة بتعبير مجامل القصد منه عدم إزعاج حكامنا الذين يرون أنفسهم ديمقراطيين من الطراز الأول ويقودون تجربة هي منتهى الديمقراطية. فهناك تخاف الشرطة من الصحافة ويعتذر الرئيس المخالف علناً للصحافة، وليس العكس كما هو حاصل لدينا.

في الديمقراطية تنبّه قيادة الشرطة عناصرها إلى ضرورة الحذر من الصحفيين طالبة ألاّ يبالغوا في العلاقة معهم.. وهذا بخلاف ما يحصل لدينا حيث لا يتورع عناصر الشرطة والأجهزة الأمنية الأخرى، ربما بتوجيه من قادتهم، عن التعامل بقسوة وصلافة مع الصحفيين وإهانتهم والاعتداء عليهم من دون مبرر، مع حرمان الصحفيين حتى من حق الاعتراض على ذلك، فالاعتراض يُقابل بالتهديد بتوجيه التهمة للصحفي بأنه تعدّى على موظف عام (الشرطي أو عنصر الأمن) أثناء قيامه بواجبه الرسمي، كما حصل أخيراً مع محرر ومصور من "المدى"، بل قد يتطور التهديد إلى مستوى تهمة مشمولة بالمادة (4 إرهاب)!
في بريطانيا ديمقراطية حقيقية. ولهذا السبب أصدرت قيادة شرطة سكوتلنديارد أخيراً دليلاً يدعو الضباط إلى توخّي الحذر عند التعامل مع الصحفيين، فلا مغازلة بين الضباط والصحفيات ولا بين الضابطات والصحفيين، ولا قبول لدعوات الصحفيين إلى الحانات لاحتساء الخمرة (خارج أوقات الدوام). ويصل الخوف من الصحفيين إلى درجة أن قيادة الشرطة البريطانية تطلب من عناصرها أن يدوّنوا المعلومات المتبادلة مع الصحفيين أثناء اللقاء معهم (عادة الصحفيون هم الذين يدوّنون المعلومات).
وفي ألمانيا، حيث ديمقراطية حقيقية أخرى وليست مزيفة أو ناقصة مثل ديمقراطيتنا، يتصل رئيس البلاد كريستيان فولف برئيس تحرير صحيفة "بيلد" ويترك له رسالة صوتية غاضبة مهدداً بأنه سيتخذ إجراءً قانونياً ضد الصحيفة إن هي نشرت مقالا يفضح حصوله (الرئيس) على قرض لمسكن خاص به بفائدة مخفضة. الصحيفة لا تُذعن لغضبة الرئيس ولا لتهديده، بل تفضح التصرف الرئاسي الأخرق، فلا يكون أمام الرئيس إلا أن يتصل ثانية برئيس تحرير الصحيفة ليعتذر له هذه المرة عن تصرفه غير اللائق، لكن نقابة الصحفيين الألمان لا يرضيها الاعتذار فيندّد المتحدث باسمها بالتصرف الرئاسي.
كبار المسؤولين في دولتنا يتصرفون كل يوم تقريباً بأعظم مما قام به الرئيس الألماني، بيد ان صحافتنا غير قادرة على الوصول إلى المعلومات لفضح هذه التصرفات.. انها تخاف حتى من الشرطي الحارس على باب الوزارة أو المديرية، وإذا وصل الصحفي إلى المعلومة فمحظور عليه في الغالب نشر المعلومات المفيدة بموجب القانون، وهو قانون "حماية الصحفيين" الذي يمنع نشر كل ما يتعارض مع المصلحة العامة والنظام العام. وكل ما يتصل بكبار المسؤولين وصفقاتهم وفسادهم يندرج في خانة التعارض مع المصلحة العامة والنظام العام.
زيادة على هذا لدينا نقابة للصحفيين ليتها لا تهشّ ولا تنشّ، فهي تهشّ وتنشّ وإنما لصالح الأجهزة الحكومية ومسؤوليها حتى لو تجاوزوا على حقوق الصحفيين وقانون حقوق الصحفيين. أليس مخزياً موقفها المساند (بالسكوت) لبطش شبكة الإعلام العراقي بعدد من أفضل صحفييها، وكأن ما حصل لهؤلاء الزملاء إنما وقع في الواق واق غير الديمقراطية.. مثل دولتنا؟!
 

المدى
العدد (2357) الأحد 8/1/2012



 

 

free web counter