| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الأربعاء 7/3/ 2012                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

من الهيبيز .. إلى الإيمو

عدنان حسين  

هل تتذكرون الهيبيز؟ .. معظمنا، شباب أواخر الستينات وأوائل السبعينات، كنا هيبيزاً بشكل ما .. بشعورنا الطويلة وبناطيلنا العريضة وبروحنا الثورية المتمردة على واقعنا المتخلف. بيد اننا، كما سائر هيبيز العالم، لم نؤذ أحداً.. لم نسرق ولم نكذب.. لم نتجاوز على حق أحد أو ملكية أحد أو خصوصية أحد.. ولم نتواكل في الدراسة والعمل.

نعم هكذا كنا، ومع هذا فقد شُنّت علينا الحملات الجائرة من مؤسسات سياسية ودينية حاولت إلصاق تهم ما انزل الله بها من سلطان بالحركة التي جند خير الله طلفاح الشرطة والانضباط العسكري لملاحقة عناصرها، ولم يفلح.

كل ما قيل من ذم في حق حركة الهيبيز باعتبارها حركة غير أخلاقية وصهيونية وماسونية وسوى ذلك لم يكن صحيحاً بالمرة .. الهيبيز (Hippies) لم تكن سوى حركة شبابية - طلابية سلمية محبة للطبيعة، انطلقت من الولايات المتحدة وانتشرت في باقي بلاد الغرب ثم العالم.. حركة مناهضة للحروب وللمادية والنفعية وثقافة الاستهلاك وسواها من قيم المجتمع الرأسمالي، وتدعو الى عالم تسوده الحرية والمساواة والحب والسلام.. شعارها الرئيس كان "الحب وليس الحرب".

الآن يتكرر السيناريو نفسه مع "إيمو" (emo) التي هي الأخرى حركة شبابية – طلابية لا علاقة لها من قريب أو بعيد بعبادة الشيطان أو بمص الدماء أو بالتفسخ الأخلاقي، كما تحاول جهات سياسية وحكومية ودينية تصويرها لتبرير تجاوزات هذه الجهات على الحريات المدنية التي كرّسها الدستور وكفلها.

الإيمو مأخوذة عن كلمة "emotional" (ايموشنال) التي تعني: عاطفي أو حسّاس أو وجداني، وهي ليست ديانة أو مذهباً ولا علاقة لها هي الأخرى من قريب أو من بعيد بالشذوذ الجنسي الموجود منذ أقدم الأزمان قبل ظهور حركتي الهيبيز والإيمو بآلاف السنين، بل هو منتشر في العالم الإسلامي كما في سائر العوالم الدينية والطائفية والمذهبية، وموجود في المدن المقدسة كما في المدن العادية.

معظم الذين حاربوا حركة الهيبيز في الماضي لم يكونوا يعرفونها تماماً .. كانت حرباً على السماع والشُبهة .. والذين يحاربون حركة الإيمو الآن هم من الطينة نفسها، يلاحقون عناصرها بشبهة الانحراف والتحلل، فيما معظم شبيبة الإيمو أسوياء، وبينهم مبدعون في الموسيقى والغناء والشعر وسائر الفنون.

بافتراض ان الإيمو حركة اجتماعية سلبية، فهل تُعالج بالأساليب التي تتبعها ما تسمى بالشرطة المجتمعية (شرطة الآداب سابقاً، أو شرطة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سيئة الصيت والسلوك في بعض بلاد الجوار) وبعض الحركات الميليشياوية، أي بالتجاوز على القانون؟

منذ أشهر تسعى الحكومة وكتلها السياسية إلى إصدار قانون للعفو العام عن سفاكي دماء ومُزهقي أرواح بالجملة وجلادين ومزوري وثائق وشهادات ومنتحلي شخصية وفاسدين ومفسدين، مرة باسم المصالحة الوطنية وثانية تحت شعار "عفا الله عما سلف".. وثالثة ورابعة.

لا يشكل شباب الإيمو خطراً على المجتمع كخطر الأزبال التي تغطي شوارع مدننا، ولا كخطر انتشار الأوبئة والأمراض في مقابل النقص في القدرات والخدمات الصحية والطبية، ولا كخطر وجود نحو سبعة ملايين عراقي تحت خط الفقر، ولا كخطر عطالة مئات الآلاف من الشباب وتسرّب مئات الآلاف من المدارس، ولا كخطر النقص الكافر في الطاقة الكهربائية.

حلّوا هذه المشاكل والأزمات المزمنة والمتفاقمة أولاً إن كنتم غيورين على المجتمع . هذا الحل بين أيديكم .. انه في المليارات المنهوبة من مال الشعب.

 

المدى
العدد (2416) الأربعاء 7/3/2012



 

 

free web counter