| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الثلاثاء 7/6/ 2011                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

حادث هناء أدور

عدنان حسين

أول من أمس تجاوزت بعض الفضائيات مهمة الإعلام في التعامل مع حادث هناء أدور، وهو الحادث الذي وقع أثناء مؤتمر عُقد في العاصمة بغداد لمراجعة توصيات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، بحضور رئيس الوزراء نوري المالكي.

هذه الفضائيات سعت إلى استثمار الحادث دعائياً ضد السيد المالكي، بل النظام السياسي كله والعملية السياسية برمتها، وهو استثمار كان في الغالب من النوع الرخيص الذي يعكس رغبة في التشفي وتصفية الحساب.. هذا بالطبع ليس إعلاماً، فالإعلام الحقيقي أن يجري تناول الحدث لجهة تفاصيله وأسبابه وأهدافه وردود الفعل عليه.. كل هذا بموضوعية ونزاهة وحيادية بقصد واحد هو نقل المعلومات المتصلة بالحادث إلى جمهور المتلقين.
إحدى هذه الفضائيات اتصلت بعدد من "المشاهدين" الذين تحدثوا باسم "أبو فلان" و"أم فلانة" مع ان أكثرهم يعيش في الخارج. واحد أو أكثر من "المتصلين" كرّر المرة تلو الأخرى كلمات يعيّر بها رئيس الوزراء لكون من وقف في وجهه محتجاً داخل القاعة امرأة وليس رجلاً ! .. المزعج للغاية في الأمر أن من كان يقدّم البرنامج امرأة (مذيعة) وليس رجلاً. هذه المذيعة لم يرمش لها طرف تعبيراً عن الشعور بالاستفزاز لكي تبادر إلى وقف المتصل عند حده وتقول له : انك بهذا تقلّل من شأن المرأة بل تهينها وتحقّرها إذ تستكثر على رجل (المالكي) أن تقف في وجهة امرأة... موقف المذيعة هذا يعكس حال التردي في الإعلام العراقي، وهي حالة لا يُستثنى منها حتى شبكة الإعلام العراقي التي، بخلاف العديد من الفضائيات العربية والأجنبية، تعاملت مع الحدث وكأنها (الشبكة) عمياء لا ترى وطرشاء لا تسمع وخرساء لا تنطق، مثبتة بهذا مرة أخرى انها لسان حكومي وليس جهازاً للدولة ممولاً من المال العام.
ليس عاراً ولا عيباً على رئيس الحكومة أن تواجهه مواطنة، أو مواطن، لتبثه شكواها أو تحتج على كلام له أو على فعل للأجهزة التابعة للحكومة.. هذه ممارسة عادية ومألوفة في البلدان الديمقراطية من أقصى شرق العالم إلى أبعد غربه.. رئيس الوزراء، كما رئيس الجمهورية والوزير والمدير وسواهم، موظف عمومي، والموظف العمومي وظيفته خدمة الناس .. ومن حق الناس أن يُبلغوا الموظف العمومي، أياً كان منصبه، آراءهم وشكاواهم بالطرق والأساليب السلمية، ومن واجب الموظف، حتى ولو كان رئيساً للوزراء، أن يستمع إلى الشكوى ويتفاعل معها بإيجابية.
ما يعيب رئيس الوزراء أو غيره من الموظفين العموميين ألا يتصرف بلياقة ولباقة مع المواطنة أو المواطن، كما حدث أول من أمس.. وأكثر ما يعيب رئيس الوزراء أو أي مسؤول كبير في النظام أن تتردى أوضاع البلاد الى الحد الذي لا تجد شخصية وطنية معروفة وناشطة حقوقية مرموقة، مثل السيدة هناء أدور، أسلوباً للاحتجاج والشكوى إلا بالشكل الذي جرى أول من أمس .. هناء أدور مناضلة كرّست كل طاقاتها وأفنت كل سنوات عمرها من أجل حرية الشعب العراقي ورفعة وتقدم العراق.. امتد نشاطها الدؤوب المتواصل الى كل أرجاء الوطن، بل الى قارات العالم جميعاً، فهي معروفة في البصرة وبغداد كما في الموصل وأربيل وفي اليابان ولبنان كما في كندا وتشيلي، وكل ما فعلته في حياتها إنما فعلته من دون سعي لمصلحة شخصية، بل ان هناء أدور كان يمكنها، لو أرادت، أن تصبح نائبة أو وزيرة في بلد من اليسير للغاية على خريج ابتدائية أو متوسطة أن يدخل مجلس النواب ومجلس الوزراء بشهادة مزورة بعلم ومعرفة رئيسي مجلسي النواب والوزراء.
إن الشكوى الصادرة عن شخصية مثل هناء أدور تعادل مليون شكوى .. هذه هي القيمة الحقيقة لما أقدمت عليه، والذي من الحكمة والحصافة والوطنية أن يكون مناسبة لمراجعة الكثير من الأخطاء والخطايا التي ارتكبتها الحكومة الحالية والحكومات السابقة كلها حتى لا يتكرر حادث هناء أدور، وهو لا يتكرر اذا لم تتكرر أسبابه.



العدد (2153) الثلاثاء 7/06/2011






 

 

 

free web counter