| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الأثنين 7/5/ 2012                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

أي مساءلة وأي عدالة؟

عدنان حسين   

بشرى سارة زفّها الى كل مواطنة ومواطن عراقي من سن تسعة أشهر الى سن تسع وتسعين سنة، رئيس لجنة المساءلة والعدالة في مجلس النواب عن عقد "اتفاق مبدئي" بين الكتل البرلمانية على اختيار أعضاء هيئة المساءلة والعدالة المعنية بـ "اجتثاث البعث".

تستطيع الكتل البرلمانية بالطبع أن تفعل ما تشاء إن اتفقت في ما بينها: أن تقلب عاليها سافلها، كما حدث في عشرات المرات على مدى تسع سنوات .. أن تحرم الناس من الكهرباء تسع سنوات مثلاً .. أن تترك الفقراء والمحرومين والعاطلين عن العمل يكابدون فقرهم وحرمانهم وامتهان كرامتهم في بلد المئة مليار دولار نفطي سنوياً .. أن تدع الفاسدين والمفسدين ينهبون المال العام على السواء علنا في وضح النهار برعاية القوى والاحزاب التي تتشكل منها الكتل وبحماية الدولة بمؤسساتها المختلفة. هذا بعض ما تستطيع الكتل البرلمانية أن تفعله، وقد فعلته بالفعل، عندما تتفق.
والآن فإن تشكيل هيئة المساءلة والعدالة في حلتها الجديدة أصبح قاب قوسين أو أدنى بعد الاتفاق المبدئي بين الكتل كما اعلن النائب قيس الشذر(الحياة)، وقد يتم الأمر اليوم حيث من المقرر ان يصوت البرلمان على المرشحين الى الهيئة.
ولكن أي مساءلة وأي عدالة ستطبق الهيئة الجديدة؟
هيئة اجتثاث البعث ماتت وشُيعت الى مثواها الأخير حتى قبل ان يُغيّر اسمها الى هيئة المساءلة والعدالة. وهي توفيت لأن الكتل البرلمانية توافقت على انتهاك أحكام القانون الخاص بها جهاراً نهاراً ، فعمل الاجتثاث كان من المفترض ان يشمل الكبار من أركان النظام السابق ومسؤولي أجهزة الأمن والمخابرات الذين ولغوا في سفك دماء الوطنيين العراقيين وإزهاق أرواحهم وترويعهم وتعذيبهم في السجون والمعتقلات وتغييبهم في المقابر الجماعية. والحال ان المئات من هؤلاء قد أعيدوا، بحجج وذرائع مختلفة، الى وظائفهم السابقة أو وظائف مشابهة وأخرى أعلى منها في مختلف مؤسسات الدولة، بما فيها وزارت الدفاع والداخلية والأمن الوطني وأجهزة المخابرات (بعضهم صاروا وزراء ونواباً لرئيس الوزراء واعضاء في مجلس النواب تتنافس الكتل على استرضائهم وشراء مواقفهم وبخاصة كتلة رئيس الوزراء). ولم يتوان البعض من هؤلاء عن أداء المهمات القذرة نفسها التي كان يؤديها في عهد النظام السابق (على صعيد الاعتقالات والملاحقات والتعذيب ضد من لديهم موقف نقدي من أداء الحكومة الحالية ورئاستها وتوجهاتهما).
عدا عن هذا فإن عناصر كثيرة من قوى النظام الجديد لم تتورع عن الإتيان بما كان يفعله عناصر النظام السابق، فهم ارتكبوا جرائم قتل واعتقال وتعذيب خارج القانون، بل زاد بعضهم على ما كان يفعله البعثيون بالنهب السافر للمال العام والخاص على نحو غير مسبوق، وبتزوير الشهادات الدراسية والوثائق الرسمية لاحتلال وظائف ومناصب في الدولة تمكنهم من النهب والسلب والتحكم في مصائر الناس. هؤلاء من سيسائلهم ويقيم العدالة عليهم؟
هذا السؤال سيطعن في جدوى هيئة المساءلة والعدالة الجديدة وفي شرعيتها ان لم تجب عليه.
 

المدى
العدد (2475) الأثنين 7/5/2012



 

 

free web counter