| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الأربعاء 7/9/ 2011                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

إذا نطق الجنرالات

عدنان حسين

مثلما يضع بعض العسكريين، وربما أغلبيتهم الساحقة، أيديهم على مسدساتهم عندما تتناهى إلى أسماعهم كلمة "ثقافة" أو "مثقف"، فأنني أضع يدي على جهة اليسار من صدري كلما سمعت أو قرأت تصريحاً لجنرال، وبخاصة إذا ما كان يُطلق وعداً بفعل إيجابي، فتجربة حياتي علّمتني أن أكثر الجنرالات أكذب من السياسيين.

أمس تسرّب الوجع إلى صدري من جهة اليسار بعدما قرأت تصريحاً للناطق باسم قيادة عمليات بغداد اللواء قاسم عطا (السومرية نيوز) يُعلن فيه أن "التظاهر حق مكفول ضمن الدستور العراقي"، تعليقاً على الدعوات إلى التظاهر يوم الجمعة المقبل للاحتجاج على استمرار التردي في أوضاع البلاد على كل صعيد، وللمطالبة بإصلاح العملية السياسية التي ما أن تعبر مأزقاً حتى تواجه آخر أشدّ، والثمن يدفعه المواطن (رجلاً وامرأة) دماً ودموعاً وأموالاً وأملاكاً وآلاماً جسدية ونفسية.
اللواء عطا دعا في تصريحه الجهات الراغبة في تنظيم تظاهرة يوم الجمعة إلى "أن تتقدم بطلب إلى الجهات المختصة للحصول على الموافقة من اجل تأمين الحماية". لكن ما أوجع القلب واستدعى وضع اليد على يسار الصدر، الجزء من التصريح الذي قال فيه اللواء عطا: "واجب القوات الأمنية يتحدد فقط بتأمين الحماية وتهيئة الأماكن والطرق"، مؤكداً "امتلاك القوات الأمنية التجربة الكافية في تأمين الحماية للمتظاهرين".
هو كلام بحلاوة العسل بالطبع، سمعناه من قبل من اللواء عطا نفسه ومن مسؤولين كبار في الأجهزة الأمنية والحكومة، فبدل المرة الواحدة تكررت في مرات كثيرة تأكيدات من رئيس الوزراء واللواء عطا ووزراء ورؤساء كتل وزعماء قوى سياسية نافذة في البرلمان والحكومة وأعضاء في البرلمان، بان التظاهر حق يكفله الدستور وان واجب الأجهزة الأمنية توفير الحماية للمتظاهرين، لكن الأفعال التي رأيناها بأم العين، بدل المرة الواحدة مرات كثيرة أيضاً، كانت بخلاف ذلك تماماً.
فأولى التظاهرات (25 شباط الماضي) قُمعت بوحشية سافرة أمام عدسات التلفزيون، بعدما سعت الحكومة والطبقة السياسية الحاكمة أجمعها والمؤسسات الدينية، إلى منع انطلاقها بذريعة واهية وحجة كاذبة هي أن البعثيين وتنظيم القاعدة وراءها.
وعلى مدى عشرين أسبوعاً بعد ذلك استخدمت القوات الأمنية من أساليب القمع ضد المتظاهرين في ساحة التحرير لكسر شوكتهم ومنعهم من التمتع بحقهم الدستوري ما لا يفرق في شيء عن أساليب أجهزة أمن صدام حسين.
والآن فان كلام الجنرال عطا يثير الريبة والشك أكثر مما يبعث على الاطمئنان والثقة، ذلك أن الناطق باسم قيادة عمليات بغداد، كما العديد من مسؤولي الحكومة، لم يخفوا موقفهم المناهض لاستمرار التظاهرات برغم سلميتها.
ولأن التجربة علّمتني أن أضع يدي على صدري من جهة اليسار كلما صرّح جنرال، ستظل يدي في هذا الموضع حتى انقضاء يوم الجمعة المقبل، ذلك إن الألم المتسرب إلى داخل الصدر من تصريح اللواء عطا لن يتوقف حتى نرى بأم العين أن القوات الأمنية قد تعاملت مع المتظاهرين باعتبارهم مواطنين من الدرجة الأولى يمارسون حقهم المكفول في الدستور بنص صريح لا يقبل اللبس والتأويل، وإنها (هذه القوات) موجودة في الأصل لحماية المواطن من كل خطر يُحدق به لا لقمعه.


العدد (2240) الأربعاء 7/09/2011






 

 

 

free web counter