| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الخميس 7/3/ 2013                                                                      

 

شنــاشيــــل :

غسيلنا المنشور في بريطانيا

عدنان حسين 

في كانون الثاني الماضي تلقيت رسالة من مجلة "نيو سيتيتسمان" الأسبوعية البريطانية تقترح فيها هيئة التحرير أن أكتب مقالاً لمناسبة مرور عشر سنوات على حرب 2003 وتغيير نظام صدام، على أن يتضمن إشارات إلى تجربتي الشخصية بوصفي منفياً عائداً للتو إلى وطنه، ومدى وما أتمتع به في بغداد من الحرية اللازمة لصحفي يعمل في ظل نظام ديمقراطي (نظرياً بالطبع).

كتبت المقال ونشرته المجلة في عددها الصادر في 21 شباط الماضي. لم أخفي يوماً في كتاباتي شعوري القوي، كما سائر الناس، بخيبة الأمل حيال ما جرى في البلاد طوال السنوات العشر الماضية، فما تأسس من نظام ليس هو الذي ناضلنا من أجله ولا يشبهه في أي حال. وهو أيضاً ليس الذي ضحّى بحياتهم في سبيله عشرات الآلاف من مناضلي الحركات السياسية المختلفة بعدما تحملوا صنوف العذاب في المعتقلات والسجون وفي ساحات المواجهة مع قوات النظام السابق، وهو ليس الذي تطلعت إليه عائلات هؤلاء الضحايا والأغلبية الساحقة من الشعب.

ولأن المجلة أجنبية فقد حرصت على ألا أنشر على حبالها غسيلنا القذر كله، فركزت في المقال على السياسات والاتجاهات العامة للدولة ومواطن الخلل والخطأ الرئيسة، معرباً عن مخاوفي، وكثيرين غيري، من استمرار الحال على ما هي عليه عشر سنوات أخرى ومن قيام نظام دكتاتوري جديد بدل الديمقراطي المنشود.

امتنعت عن نشر الغسيل القذر، وبخاصة على صعيد الفساد المالي والإداري وتردي مستوى الخدمات العامة، لكنني أشعر الآن بندم شديد لأن صحفياً بريطانياً قام بالمهمة بدلاً عني... إنه باتريك كوكبرن المحرر المعروف في صحيفة "ذي اندبندنت" المتخصص في شؤون الشرق الأوسط. فهو زار العراق منذ مدة وبدأ الأحد الماضي بنشر سلسلة من التقارير عما رآه وسمعه هنا، وهو في مجمله وتفصيله لا يسر صديقاً ولا عدواً ربما أيضاً.

كوكبرن نقل حقيقتنا كما هي .. وهي حقيقة مخزية للغاية في الواقع، ومن المفترض أن يمتلئ حيالها مسؤولو دولتنا في مؤسساتها العليا قاطبة بالشعور العارم بالعار، إن كان يجري في عروقهم دم نظيف.

ختم كوكبرن الحلقة الأولى من تقاريره بجملة قصيرة نقلها عن أستاذ جامعي. قال: إذا سألتَ الطلبة عماذا يريدون، فسيجيبك 95 بالمئة منهم أنهم يريدون مغادرة العراق.

نعم ، صدق ما قاله الأستاذ الجامعي، فشباب العراق محبطون إلى أبعد الحدود ويتطلعون إلى خلاص في الخارج، وهذا بالضبط ما جعلني أُعرب في مقال "نيو ستيتسمان" عن خشيتي من أننا سنحتاج إلى عشر سنوات أخرى لكي تستقر الأحوال في البلاد ويصبح العراق مغرياً لأبنائه في أن يبقوا فيه.

أرجو أنني كنت متشائماً أكثر من اللزوم.


المدى
العدد (2743)  7/3/2013



 

 

free web counter