| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الأربعاء 6/4/ 2011                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

وما موقف إدعائنا العام؟

عدنان حسين

بعد أيام قليلة من انشقاق وزير الخارجية الليبي موسى كوسا على معمر القذافي ولجوئه إلى بريطانيا التي عمل فيها في الماضي سفيرا لبلاده، تحرّك النائب العام الاسكتلندي وطلب مقابلة المسؤول الليبي المنشق الذي شغل فترة من الوقت منصب رئيس جهاز الاستخبارات الليبي، وكان يعتبر الساعد الأيمن للقذافي. النائب العام، أو المدعي العام، في أي بلد هو محامي المجتمع الذي ينوب نيابة عامة عنه في تحريك الدعاوى الجزائية والإدعاء فيها أمام المحاكم المختصة، وهو معني بتحقيق العدالة وإعادة الحقوق إلى أصحابها حتى لو طال الزمن، فتحقيق العدالة لا ينقضي مفعوله بعد مدة معينة كالمنتجات الصناعية أو الزراعية.

القضية التي حرّكت النائب العام الاسكتلندي باتجاه كوسا هي جريمة تفجير طائرة ركاب أميركية فوق قرية لوكربي الاسكتلندية في العام 1988، وهو الحادث الذي وُجِّهت فيه أصابع الاتهام إلى نظام القذافي. وقد أقرّ هذا النظام ضمنياً بمسؤوليته عندما دفع مليارات الدولارات تعويضات إلى عائلات الضحايا. والمفروض أن يكون ملف القضية قد أغلق بهذه التعويضات، لكن لدى النائب العام الاسكتلندي لا تنتهي القضايا الجنائية بالتعويض على الطريقة العشائرية كما يجري عندنا.

مناسبة هذا الكلام الجبهة الجديدة للحرب بين شركاء "حكومة الشراكة الوطنية!"، والتي تقدّم لنا دليلاً آخر على أن النخبة المتنفذة في السلطة في بلادنا لا تعرف الكثير، وربما حتى القليل، في علم وفن السياسة، فما نشهده يندرج في باب المناكفات غير محسوبة العواقب على طريقة شقاوات الحارات القديمة.

لسبب معروف، لم يقبل بعض أعضاء مجلس النواب من كتلة "العراقية" بقرار البرلمان اعتبار قصف مدينة حلبجة الكردية العراقية بالأسلحة الكيمياوية ومقتل الآلاف من سكانها في عهد صدام جريمة إبادة جماعية. وعلى سبيل المناكفة، على الأرجح، وليس حباً بأهل مدينة الفلوجة وتحقيقاً للعدالة، طالب هذا البعض بمعاملة مماثلة لأحداث الفلوجة في العام 2004، فيلتقط أحد نواب التحالف الوطني (فرع دولة القانون)، الطرف المقابل لخيط المناكفة ويعلن تأييد كتلته لهذا الطلب والتحقيق مع رئيس كتلة "العراقية" إياد علاوي باعتباره كان رئيسا للحكومة آنذاك.

بالطبع هنا هاجت "كورة الزنابير" من كل الجهات، فيهدّد هذا ويردّ ذاك بتهديد مقابل، ويجد مجلس النواب، في ظل هذا الجو المكهرب بين الشركاء في السلطة، أن يسحب الموضوع من جدول الأعمال، لأن الكتل وقياداتها أدركت، في ما يبدو، أن البلاء سيعم الجميع، فإذا فتح ملف الفلوجة ستُفتح مقابله ملفات، وفي مقابل هذه الملفات ستُفتح ملفات وملفات، وهي كلها من العيار الثقيل للغاية، ولا ينطوي أي منها على ما يشرّف ويبعث على الفخر، فهنا جرائم قتل جماعي، وهناك صفقات سياسية وتجارية وسخة، واعتقالات عشوائية، وتعذيب للمعتقلين في السجون، واختطاف واغتصاب، وفساد مالي وإداري، وشهادات مزورة، وتعيينات غير قانونية... الخ.

لا أحد بلا خطيئة، فلا أحد يستطيع بالتالي أن يرمي المتهمة بالفحش بحجر.. النار ستحرق الجميع، ولأنه من الحكمة طلب الستر "إذا بُليتم فاستتروا"، كان القرار بسحب موضوع الفلوجة من جدول أعمال البرلمان، وربما سيُبقى عليه تحت الطاولة انتظاراً لحفلة مناكفة جديدة.

ما يهمنا هنا هو موقف السلطة القضائية، وبالذات مكتب الإدعاء العام، فالمفروض، بعد سيل التصريحات التي أدلى بها نواب "العراقية" و"الوطني"، أن يقوم المدعي العام العراقي بمثل ما قام به النائب العام الاسكتلندي .. لدى المدعي العام العراقي، المؤتمن من المجتمع على قضية العدالة، تصريحات موثقة من قادة كتل وأعضاء في البرلمان تتحدث عن جرائم ارتكبت في حق الشعب خلال السنوات الثماني الماضية تتوفر ملفاتها لدى السياسيين الذين يسعون إلى "طمطمتها" و"لفلفتها" بعدما وجدوا أن مناكفاتهم يمكن أن تنقلب وبالاً عليهم جميعا.

هل يؤدي إدعاؤنا العام واجبه ويتحرك، لتوثيق المعلومات في الأقل؟



العدد (2092) الأربعاء 06/04/2011






 

 

 

free web counter