| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الأربعاء 6/7/ 2011                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

حادث مروع في جامعة بغداد

عدنان حسين

أعرف أنني في بلد يحفل بكل ما هو عجيب وغريب. وأعرف أن في بلدي هذا من العجائب والغرائب ما لا نظير له في أي بلد آخر. وعلى سبيل المثال فان من العجيب والغريب ومما لا مثيل له خارج حدودنا أن حكومتنا وبرلماننا يعلمان علم اليقين بوجود عشرات الآلاف من مزوّري الشهادات الذين يحتل بعضهم منصب الوزير أو النائب، ولا يحدث أي شيء لهم، بل يسعى البعض إلى العفو عنهم!

ومع هذا، ومع إنني وطّنت نفسي على احتمال مواجهة كل ما هو استثنائي وفريد من نوعه وغير مألوف في بلدي هذا، لم يخطر في بالي البتة أن أكون شاهداً عياناً على حادث مروّع كالذي وقع أمام عيني أمس في جامعة بغداد.
أمس كان علي أن أراجع مقر الجامعة في الجادرية لاستخراج وثيقة تخرّج جديدة بدل القديمة التي صدرت منذ أربعين سنة... أشياء كثيرة تغيّرت خلال الاثنتين والثلاثين سنة الماضية التي لم أدخل فيها حرم الجامعة في الجادرية، فهذه المرة انتقل العديد من الكليات إلى هذا المكان، وبينها مقصدي كلية الإعلام وريثة قسم الصحافة بجامعة بغداد الذي تخرجت منه.
وجدت الجامعة محتشدة بعض الشيء بالحضور من الطلبة الذين جاء بعضهم لتسلم نتيجته لهذا العام... سعدت في كلية الإعلام لأنني وجدتها وقد أصبحت صرحاً كبيراً، وقد ضجّت ممراتها وقاعاتها الكثيرة بأحاديث طلبتها اليافعين.
بجوار كلية الإعلام كانت ثمة كافتيريا لجأ إليها بعض الطلبة للارتواء بالمشروبات الباردة أو الساخنة. والى الجوار كان ثمة موقف لباصات النقل الكبيرة التي سرعان ما امتلأ أحدها بالركاب ليحملنا إلى خارج الحرم حيث لم يطل انتظارنا أكثر من خمس دقائق. وعند مدخل الحرم كانت العشرات من الباصات الصغيرة (كيات) تنتظر من دون أن يطول بها الانتظار هي الأخرى لتنطلق في مختلف الاتجاهات: الباب الشرقي، باب المعظم، بغداد الجديدة، الكاظمية، وسواها.
ماذا عن الحادث؟ أين وقع ومتى وكيف؟
بالنسبة لي كان الحادث مروّعاً للغاية.. لم أتخيل وقوعه في جامعة بغداد بالذات باعتبارها عرين النخبة الحالية والنخبة التي ستكون.. قبل أربعين سنة، حين كنت طالبا في هذه الجامعة، ما كان يقع حادث كهذا أبداً ولا كان يمكن تصور وقوعه في أي حال.
عند مدخل الجامعة وعبر شوارعها وممراتها وفي الكافتيريا المجاورة لكلية الإعلام وفي الباصات العاملة داخل الجامعة وخارجها كانت عيناي تبحثان عن كشك لبيع الصحف والمجلات والكتب وعن أحد من الطلبة يحمل صحيفة أو مجلة، لكنني كنت كمن يبحث في صحراء الربع الخالي عن واحة! الأكثر ترويعاً إن كلية الإعلام، التي أمضيت فيها بعض الوقت وتجولت بين أقسامها انتظاراً لصدور وثيقة تخرجي، لم ألحظ فيها من يحمل صحيفة أو مجلة أو حتى كتاباً!
إعذروني إن كنت قد أهدرت وقتكم وأنا اكتب عن عدم وجود كشك للصحف في الجامعة الكبيرة وعدم ملاحظتي وجود صحيفة أو مجلة في يد أحد من الطلبة، ذلك انه كان أمراً صادماً لي للغاية.. بالنسبة لي كان مهولاً، إذ شعرت وأنا أغادر حرم الجامعة كما لو أنني تعرضت لحادث مروّع أو كنت شاهداً عياناً عليه.. في أيامنا كانت الصحف والمجلات والكتب من ضروريات الكثير من طلبة الجامعة، مثل البدلات الأنيقة والأقلام الفاخرة... كانت أكشاك الصحف والمجلات والكتب تحيط بمباني الكليات المتناثرة في المنطقة الممتدة من باب المعظم إلى راغبة خاتون والأعظمية.
في خطبهم يحرص رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان ورئيس الوزراء وسواهم من كبار مسؤولي الدولة على مناشدة أبناء الشعب بان يكونوا واعين للمخاطر المحدقة ببلادنا.. من أين وكيف يتأتى الوعي لشعب حتى نخبته لا تقرأ الصحف والمجلات والكتب؟



العدد (2182) الأربعاء 6/07/2011






 

 

 

free web counter