| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الخميس 6/10/ 2011                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

ما الذي ينقصنا؟

عدنان حسين

العراق الذي اخترع الكتابة قبل أكثر من خمسة آلاف سنة ونقل بها البشرية بأسرها من الظلمات الى النور، يحتاج الآن الى خمسة آلاف و300 مدرسة جديدة والى 134 ألفاً من المعلمات والمعلمين والمدرّسات والمدرّسين. هذه الأرقام الفلكية مأخوذة من تصريح لوزير التربية الحالي محمد تميم أدلى به في وقت سابق من العام الحالي.

ولا تقتصر حاجة العراق، صاحب أكبر ثروة نفطية في العالم كما تؤكد آخر التقديرات في هذا الشأن، لا تقتصر حاجته الماسّة على المدارس ومعلميها، فهو في حاجة الآن أيضاً الى أكثر من 1500 مستشفى ومركز صحي والى ما بين ثلاثين وأربعين ألفا من الطبيبات والأطباء. والعراق يحتاج كذلك الى 3 ملايين وحدة سكنية. وفوق هذا وبالإضافة إليه يحتاج العراق الى الموانئ والبواخر وخطوط السكك الحديد والقطارات السريعة، والى المطارات والطائرات، والى الطرق البرية وباصات النقل الجماعي، والى مصافي النفط ومعامل تصنيع المشتقات النفطية، والى السدود والجداول والقناطر والمبازل، ورياض الأطفال ودور الرعاية الاجتماعية (للأيتام والمشردين والمسنين)، ولا يمكن بالطبع أن ننسى محطات توليد الكهرباء و شبكة الصرف الصحي (المجاري) ومحطات تصفية المياه. باختصار شديد: العراق يحتاج الآن إلى كل شيء .. من الألف إلى الياء. والعراق لا ينقصه ما يمكنه أن يلبّي به كل هذه الاحتياجات وتأمينها، فهو ليس كمثل الصومال أو بنغلاديش اللذين تنقصهما الموارد .. العراق لا تعوزه الأموال، فدخله من النفط وحده يقترب من 100 مليار دولار سنوياً، ومن المؤمل أن يتضاعف ثلاث مرات أو أربعاً خلال السنوات الخمس المقبلة بحسب تأكيدات وزارة النفط. والعراق لا تنقصه الموارد البشرية فكوادره المؤهلة تعدّ بالملايين، مئات الآلاف منهم ينتشرون في مشارق الأرض ومغاربها، من نيوزيلندا واستراليا إلى الولايات المتحدة وكندا ومن روسيا واسكندنافيا الى جنوب أفريقيا وأميركا اللاتينية، ومئات من الآلاف غيرهم يأكلهم الانتظار القاتل .. انتظار أن تسترجع لهم الحكومة الوظائف التي سرقها منهم مزورو الشهادات، وهو انتظار عقيم بالطبع، فالحكومة والبرلمان مشغولان الآن بشيء آخر هو شرعنة سرقة الوظائف وتزوير الشهادات ومكافأة سراق الوظائف ومزوري الشهادات. العراق لا يعوزه شيء على صعيد تمويل المدارس والمستشفيات والمساكن والمصافي والطرق وشبكات النقل ومشاريع الكهرباء والماء والري ... الخ، ولا ينقصه شيء على صعيد العلماء والمهندسين والمعلمين والأطباء والعمال. لكن العراق يحتاج الى شيء مهم للغاية يفتقده الآن بأشدّ ما يكون الافتقاد، يحتاج الى أعضاء برلمان ومجالس محافظات ووزراء ووكلاء ومدراء وقادة أمنيين ذوي ضمير .. ذوي قلوب .. ذوي غيرة على وطنهم وشعبهم، فهنا النقص الحقيقي، وهنا السبب في استمرار حاجة العراق حتى الآن الى عشرات آلاف المدارس والمستشفيات والمشاريع الأساسية والى الملايين من المساكن، وسواها. فمن يؤمّن للعراق حاجته هذه؟
 


العدد (2269) الخميس 6/10/2011






 

 

 

free web counter