| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الثلاثاء 5/4/ 2011                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

قانون يقضم حرية الصحافة

عدنان حسين

هذا مشروع قانون للسيطرة على الإعلام والإعلاميين وليس لحماية الصحفيين وضمان حرية العمل الصحفي كما جاء في الأسباب الموجبة له.. انه يعيد من الشباك فكرة الهيمنة على الإعلام التي أُخرجت من الباب في العام 2003 بإلغاء وزارة الإعلام وقوانين العهد الشمولي المؤطرة للعمل الإعلامي.

القانون المعروض الآن على مجلس النواب يجعل العاملين في وسائل الإعلام نصف موظفين لدى الحكومة ويرغمهم على الانخراط في منظمة يفترض أنها من منظمات المجتمع المدني التي لا معنى لها ولا مبرر لوجودها ما لم تكن عضويتها حرة غير إجبارية ولا علاقة لها من قريب أو من بعيد بالحكومة.

حماية الإعلاميين وضمان حرية الإعلام لا تحتاجان إلى قانون من هذا النوع، فحرية الإعلام جزء رئيس من الحريات العامة، والقانون الأساس لهذه الحريات هو الدستور، وإذا أريد تقوية الضمانات الخاصة بالعمل الإعلامي لتأمين حياة الإعلاميين وصون حرية عملهم فلا بدّ من تأصيل وتقوية مواد الدستور الضامنة للحريات العامة.

حرية الإعلام وحماية الإعلاميين تتطلبان، بالإضافة إلى هذا، صدور توجيهات من مجلس النواب إلى السلطة التنفيذية (الحكومة) وتعليمات من هذه السلطة إلى أجهزتها الأمنية ودوائرها المدنية تحدد واجباتها تجاه الإعلام والإعلاميين بما يتيح حرية تدفق المعلومات إلى الجمهور المتلقي للرسالة الإعلامية (الشعب) تطبيقاً للدستور الذي يكفل هذه الحرية.

لا معنى أبداً لاعتبار أن "أي اعتداء على الصحفي أثناء تأدية مهامه الصحفية بمثابة اعتداء على موظف حكومي أثناء تأدية واجباته الرسمية، ويعاقب المعتدي بالعقوبة المقررة قانوناً المعتدي على الموظف الحكومي"(المادة الأولى من مشروع القانون)، فالصحفي (الإعلامي) ليس موظفا حكوميا، ومن باب أولى أن تمنع القوانين النافذة الاعتداء على أي شخص، موظفا حكومياً كان أو عاملاً في القطاع الخاص، صحفياً أو طبيباً.

وليس من الصحيح أيضاً اشتراط أن يكون الصحفي منتميا لنقابة الصحفيين لكي يحظى بالحماية وتتأمن له حرية العمل، فماذا عن الصحفي الذي لا يؤمن بالعمل النقابي، مثلا، ولا يريد أن يكون عضوا في النقابة؟ وماذا لو أن عدداً من الإعلاميين رغب في تشكيل جمعية أو نقابة إعلامية غير نقابة الصحفيين الحالية؟. في النظام الشمولي فقط يُجبر الصحفيون والعمال والمهندسون والمعلمون وغيرهم على الانتماء إلى النقابات التابعة في العادة للنظام الشمولي وحزبه.. أما في النظام الديمقراطي فيُحظر، بل يُحرّم مثل هذا الإجبار، ببساطة لأنه مناقض ومناهض لمبدأ الحرية.. ومن لديه أي شك فليسأل عن واقع الحال في البلدان الديمقراطية من كندا والولايات المتحدة إلى الهند واليابان مروراً بدول الاتحاد الأوروبي، وبالجارة الكويت أيضاً التي توجد فيها منظمتان للصحفيين.

إن وراء فكرة تأطير الإعلاميين بمنظمة بعينها مسعى لتأطير العمل الإعلامي برمته وجعله خاضعاً لنفوذ الحكومة وإرادتها عبر رشوة هذه المنظمة وشراء ذمتها، وهذا يتناقض تماما مع مبدأ الفصل بين السلطات، والإعلام هو السلطة الرابعة المكافئة لكل من السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية.

حتى المواد التي تقترح تقديم الرعاية الصحية للصحفيين وتخصيص راتب للصحفي المصاب بالإعاقة أثناء العمل وراتب تقاعدي للمتوفى أثناء عمله، لا معنى ولا ضرورة لها لأنها تلحق الإعلاميين بصورة من الصور بالحكومة، الصحيح أن يكون هناك نظام للتأمينات الاجتماعية يوفّر الرعاية الصحية للصحفيين وغيرهم من المهنيين ويضمن عيشهم الكريم إذا ما أصيبوا بمرض أو إعاقة أثناء العمل وحياة كريمة لعوائلهم إذا ما توفوا بسبب العمل، بل ويؤمن لهم دخلاً مناسباً خلال فترة العطالة وراتباً تقاعدياً حتى لو لم يتوفوا أو يصابوا بالإعاقة، ومن المفترض أن يساهم الإعلاميون أنفسهم ومؤسساتهم في تأمين الموارد لهذا النظام كما هي الحال في كل البلدان الديمقراطية.



العدد (2091) الثلاثاء 05/04/2011






 

 

 

free web counter