| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الخميس 5/4/ 2012                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

خطاب جديد للحجّاج!

عدنان حسين   

يتواصل انهمار "بركات" قانون "حقوق الصحفيين"(!) سيء الصيت والسيرة، فالتعديات على الصحافة والصحفيين، بما فيها الاعتقالات وإساءة المعاملة، تحافظ على وتيرتها السابقة، فيما تنهال على محكمة قضايا النشر والإعلام القضايا المليارية (نسبة إلى مليارات الدنانير) المرفوعة من المسؤولين في الدولة على الصحف ومحرريها بدعاوى وذرائع مختلفة.

قانون "حقوق" الصحفيين شرّع لـ "حقوق" السلطة التنفيذية وصادر حقوق الصحافة والمشتغلين فيها في الحصول الحر على المعلومات وفي البث الحر لها وفي نقد أجهزة الدولة والمسؤولين عنها، فقد وُضع شرط مطلق للحصول على المعلومات وبثها هو عدم تعارض ذلك مع القانون أو مخالفته للنظام العام. والواقع أن أي فعل إعلامي في بلادنا يمكن أن يُوضع تحت طائلة هذا الشرط حيث ما تزال دولتنا تعمل بموجب العشرات من قوانين فصّلها صدام حسين على المقاسات الضيقة لنظامه الدكتاتوري.
واستناداً إلى الأساس الذي وضعه ذلك القانون المتعارض مع أحكام الدستور ومع الشرائع الدولية المنظمة للعمل الإعلامي والنشاط الفكري، أصدرت وزارة الداخلية أول من أمس تحذيراً شديد اللهجة إلى وسائل الإعلام المحلية والدولية والعربية مما وصفته باعتماد المصادر الأمنية المجهولة في نقل الإخبار، معتبرة أن تلك الأخبار تضر بالاستقرار والسلم الأهليين، ومتوعدة بمحاسبة المخالفين !
الوزارة قالت في بيانها التحذيري إن "العديد من وسائل الإعلام عملت خلال الفترة الأخيرة على بث أخبار غير صحيحة وغير موثقة أو تدسّ أخباراً مُلفقة ثم تنسبها إلى مصادر مجهولة وتعتذر عن ذكر الأسماء بدعوى مصدر خاص"، واعتبرت أن "هذا المنهج الخاطئ يضر بالاستقرار والسلم الأهليين ويتعارض مع مدونات ممارسة المهنة وأخلاقيات العمل الإعلامي المسؤول"، مشيرة إلى أن لديها "متحدث رسمي وموقع رسمي على شبكة المعلومات (الانترنت) وأبوابها مفتوحة لتسهيل مهام الجميع"، ومتوعدة بـ"اتخاذ الإجراءات القانونية ضد وسائل الإعلام المخالفة".
هذا بيان يتطابق في مضمونه مع خطاب يعود تاريخه إلى أربعة عشر قرناً، ألقاه الحجاج بن يوسف الثقفي مهدداً العراقيين بـقطع رؤوسهم التي رأى أنها "قد أينعت وحان قطافها"!
إذا كان هناك صحفيون ينشرون معلومات "غير صحيحة" و"مُلفقة" منسوبة إلى مصادر أمنية "مجهولة" فالحق في هذا يقع أولاً على وزارة الداخلية نفسها التي تُعد من أكثر مؤسسات الدولة تمسكاً بالكتمان وعدم الشفافية بحجة الأمن والنظام ومكافحة الإرهاب. فلطالما قدمت أجهزة الوزارة معلومات غير صحيحة أو ناقصة، بل إن بعض المسؤولين الأمنيين لا يتورعون عن الكذب في تصريحاتهم. وآخر مثال على هذا ما حدث خلال فترة انعقاد مؤتمر القمة العربية الثالث والعشرين وبعدها، فلقد أنبأنا هؤلاء المسؤولون بأن ما من شوارع ستُقطع وما من ساحات وجسور ستُغلق في العاصمة، فيما حدث العكس تماماً، بل زاد الأمر عن ذلك بفرض حال حظر التجوال وقطع اتصالات التلفون المحمول يومين كاملين. وبعد انتهاء القمة أيضاً سمعنا تصريحات بأن حال بغداد ستتغير كثيراً حيث ستُزال معظم نقاط التفتيش ويُرفع الكثير من الحواجز الكونكريتية التي تُقطّع أوصال العاصمة.
والحال أن شيئاً لم يتغير البتة حتى بعد مرور أسبوع على انقضاء القمة.
الشفافية والصدق في التصريح أفضل ما يخدم الأمن وأكثر ما يساعد الإعلام على أداء دوره الاجتماعي المكمّل لدور الدولة. أما لغة التهديد والإنذار فلا جدوى منها، واسألوا الحجاج إن كنتم لا تصدقون.
 

المدى
العدد (2444) الخميس 5/4/2012



 

 

free web counter