| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الأحد 5/6/ 2011                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

من سيئ جداً إلى أسوأ!

عدنان حسين

أقرأ في آخر بيانين لمنظمة العفو الدولية (أمنستي انترناشنال) ومراقبة حقوق الإنسان (هيومن رايتس ووتش) حول اعتقالات الأسبوع الماضي في بغداد.. أدقق فيهما لأتحقق من أنهما صادران الآن، في حزيران 2011، وليس قبل عشر سنوات أو عشرين سنة أو حتى ثلاثين، فلا يبدو أن عقوداً من الزمن قد أحدثت فرقا في مجال حقوق الإنسان في العراق!

أقرأ فيدور في الرأس شريط الاختفاء في العام 1979 لمدة خمسة عشر شهراً قبل أن أهتدي إلى طريق التهريب إلى سوريا ثم لبنان.. تحضر سنوات بيروت كلها، ثم سنوات سائر عواصم المنافي: دمشق، نيقوسيا ولندن.. وتحضر أيضاً رحلات إلى عواصم في الشرق والغرب للمشاركة في ندوات أو مؤتمرات أو فعاليات ثقافية عراقية معارضة، ولمواجهة جلاوزة نظام صدام الذين لم يكونوا يتوانون عن التهديد الصريح فضلاً عن الكذب والتلفيق لتكذيبنا وتسفيه معلوماتنا وأطروحاتنا عن القمع وانتهاك الحقوق في بلادنا البعيدة، فكنّا نجد في بيانات وتقارير أمنستي انترناشنال (مقرها في لندن)، ثم هيومن رايتس ووتش (مقرها في نيويورك) عوناً وسنداً نردع به أفّاقي نظام صدام ونكسب مناصرين جدداً لقضيتنا.
بيان أمنستي انترناشنال الذي أقرأ فيه الآن ينقل عن مالكوم سمارت مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة قوله "تشكّل هذه الاعتقالات دليلاً إضافياً على عدم تسامح السلطات العراقية مع الخلاف السلمي في الرأي، وهي اعتقالات تبعث على القلق البالغ".
انه يتحدث عن الاعتقالات التي قامت بها قوات الأمن العراقية في الأسبوع الماضي ضد متظاهرين في ساحة التحرير وناشطين في منظمة "أين حقي"، لكنه بالنسبة لي كأنه يتحدث عن اعتقالات في الثمانينيات أو التسعينيات.
يضيف السيد سمارت قائلاً "بدلاً من أن تقوم السلطات العراقية بقمع الاحتجاجات فأحرى بها أن تدعم وتحمي حق العراقيين في المشاركة في تظاهرات سلمية تخرج تأييداً للدعوات المطالبة بالإصلاح السياسي والاقتصادي. وينبغي أن يكون العراقيون أحراراً في التعبير عن آرائهم دونما خشية من الاعتقال أو سوء المعاملة على يد قوات الأمن".
ويعلّق المسؤول في المنظمة الحقوقية الدولية على الأنباء عن سوء معاملة المعتقلين الشباب بالقول "يجب على السلطات العراقية أن تضمن توفير الحماية لهؤلاء المحتجزين من مثل هذه المعاملة السيئة، وأن تشمل تلك الحماية السماح الفوري لمحاميهم وعائلاتهم باللقاء بهم."
أما بيان هيومن رايتس ووتش فينقل تصريحاً في هذا الخصوص لمعاون مدير منطقة الشرق الأوسط في المنظمة جو ستورك، الذي أعرفه شخصياً منذ أيام المعارضة وأعرف كيف كان يدقق في المعلومات التي نقدّمها إليه ويتوثق منها قبل رفعها إلى منظمته وإعلانها، وكان في السابق صحفياً في "نيويورك تايمز".
يقول السيد ستورك في تصريحه بعد أن يقدّم وقائع مفصلة عن الاعتقالات الأخيرة "يتعين على السلطات العراقية أن تردع قواتها الأمنية عن استهداف منظمي الاحتجاجات والناشطين والصحفيين"، ويضيف أن "هيومن رايتس ووتش لم تتسلم أي رد من الناطق باسم الحكومة على طلبها معلومات عن مكان احتجاز المعتقلين الأربعة".
أتوجع وأنا أقرأ هذين البيانين وأدرك تماماً كم هو موجع أيضاً لكل الذين أفنوا سنوات شبابهم في النضال ضد نظام صدام أن يقرأوا بعد ثماني سنوات من إسقاط ذلك النظام بيانات عن أحوال حقوق الإنسان في العهد الجديد لا تختلف في الشكل أو في المضمون عن البيانات التي كنا ننتظر صدورها بلهفة قبل عشر سنوات وعشرين وثلاثين سنة لنعزّز بها أطروحاتنا بشأن وحشية نظام صدام.. كأن الحال ما تغيّرت ولا تبدّلت! بل هي، بالنسبة لواحد مثلي، تبدو قد تغيّرت وتبدّلت من السيئ جداً إلى الأسوأ.



العدد (2151) الأحد 5/06/2011






 

 

 

free web counter