| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الأثنين 5/12/ 2011                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

 فسادٌ .. حتى ينقطع النفس

عدنان حسين

حكومتنا منزعجة هذه الأيام، والسبب منظمة الشفافية العالمية. في الطريق الى المكتب أمس استمعت إلى أحد مسؤولي الحكومة وهو يعبّر عن هذا الانزعاج، متحدثاً الى محطة إذاعة محلية، بالطعن في صدقية آخر تقرير للمنظمة العالمية. وفي المكتب وجدت ان مستشاراً للحكومة قد نهج منهج زميله بالتصريح لإحدى وكالات الأنباء المحلية بان تقارير المنظمة "ليست دقيقة".

المستشار الحكومي لام منظمة الشفافية لأنها لا تلاحظ ما وصفه بالتطور في مكافحة الحكومة للفساد المالي والإداري، فأبقى تقريرها السنوي للعام 2011 العراق في مستوى الدول الأكثر فساداً، جنباً الى جنب الصومال والسودان وافغانستان وهايتي وتركمانستان واوزبكستان. أما المستشار الحكومي، وهو اقتصادي، فقال ان "تقارير منظمة الشفافية الدولية الأخيرة بشأن الفساد في العراق ليست دقيقة لأنها تفتقر إلى التقارير الرسمية الحكومية سواء منها الصادرة عن هيئة النزاهة المستقلة أو الحكومة"، مشيرا إلى أن "المنظمة لا تملك مكتباً لها في العراق"، حسب ما نقلت عنه وكالة "أكنيوز".
مسؤولو الحكومة ومستشاروها يريدون من منظمة الشفافية العالمية أن تفتح مكتباً في بغداد أو ترسل وفوداً تتصل تلفونياً بالوزراء والوكلاء والمدراء والمحافظين والمستشارين وسواهم من موظفي الحكومة، وأكثرهم فَسَدة، وتضرب معهم مواعيد وتشرب في حضرتهم الشاي والقهوة والحامض وتطلب التقارير الرسمية التي لن يكون فيها أي أثر لفساد مالي أو إداري، ما يضم دولة العراق الى زمرة الدول ذات السجل ناصع البياض على صعيد الفساد كنيوزيلندا والدنمارك وفنلندا والسويد وسنغافورة والنرويج التي توّجها تقرير الشفافية العالمية الأخير على رأس الدول النظيفة من أدران الفساد.
ما لا يريد أن يدركه مسؤولو الحكومة ومستشاروها ان منظمة الشفافية العالمية ليست بعثية ولا هي فرع من فروع تنظيم القاعدة لكي لا يكون لها شغل غير السعي للتشهير بحكومة العراق والإساءة الى سمعة الدولة العراقية .
منظمة الشفافية لديها معايير معينة وأساليب محددة لرصد ظاهرة الفساد في مختلف دول العالم وقياس مؤشراتها، واذا كانت هناك دولة خالية من الفساد فلا مصلحة للمنظمة في إفسادها، واذا كانت هناك في المقابل دولة غارقة في بحر الفساد فلا مصلحة للمنظمة في تبرئتها من هذا العار، بل مهمتها تتكرس في قول الحقيقة لمساعدة سكان تلك الدولة ومسؤوليها في تلمّس طريق النجاة والوصول الى شاطئ الأمان.
وعلى أية حال، سواء أعلنت منظمة الشفافية ان العراق بين الدول الأكثر فساداً أم لم تقل ذلك فان العراقيين بملايينهم الثلاثين يلمسون هذا لمس اليد. الفساد يتجسد لهم ثلاثي الأبعاد كلما انقطع التيار الكهربائي، وما أكثر وما أطول ما ينقطع، وكلما ساروا في شارع أو طريق أو زقاق متهالك أو تتراكم فيه الأزبال، وليس ثمة شارع في مدننا سليما من الحفر ولا تكسوه النفايات والأوساخ، وكلما تسلموا الحصة التموينية بموادها التي لا تصلح الا علفاً للحيوانات، وكلما تخرجت دورة جديدة في الجامعات فلا يجد أفرادها عملاً فيما مزورو الشهادات من منتسبي أحزاب الحكومة والبرلمان يتبوؤون المناصب والمراكز، وكلما مرضوا وكلما جاعوا، وكلما، وكلما ..... حتى ينقطع النفس!

 


العدد (2323) الأثنين 5/12/2011



 

 

free web counter