| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

السبت 5/5/ 2012                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

ما أشبه الليلة بالبارحة!

عدنان حسين   

الأمم المتحدة قلقة.. اليونسكو قلقة.. وزارة الخارجية البريطانية قلقة.. المنظمات العالمية المعنية بالحريات الصحفية وحقوق الصحفيين قلقة.. كلهم قلقون علينا.. على حال الصحافة والصحفيين المتردية وعلى الحريات والحقوق الصحفية المتراجعة في بلادنا. أما نحن فلا ينتابنا أي قلق، بل يكتسحنا الانزعاج من هذا القلق الدولي!

أيام زمان، أيام المعارضة ( قبل عشر سنوات فقط) كنا نستعجل الأمم المتحدة ومنظماتها ولجان الحقوق ووزارات الخارجية في الدول الديمقراطية لإصدار تقاريرها السنوية أو الفصلية متطلعين الى تنديدها بسياسات صدام ونظامه، وبخاصة على صعيد كبت الحريات ومصادرة الحقوق. وكثيراً ما كنا نرى ان تلك التقارير لا تقول الحقيقة كاملة. والمنظمات والوزارات صاحبة التقارير كان لها منطقها، وهو انها لا تُدرج في تقاريرها الا ما تتثبت منه بالأدلة القاطعة.
كان ذلك أيام زمان (الى ما قبل عشر سنوات فقط) عندما كنا في المعارضة. أما اليوم بعد أن وصلنا الى السلطة وتربّعنا على عرشها وتنعّمنا بامتيازاتها وغرقنا في فلوسها، صار لنا موقف آخر .. موقف يشبه موقف نظام صدام الذي كان ينفي ما تتضمنه التقارير الدولية عن كبت الحريات ومصادرة الحقوق ويشكك في دوافع أصحاب التقارير.
وكما كان مسؤولو نظام صدام يقولون ان المنظمات الدولية تستند في تقاريرها الى مصادر مشبوهة ومغرضة وان كتاب تلك التقارير يجلسون في مكاتبهم الوثيرة ويُعدّون تقاريرهم، يردد الآن مسؤولو نظامنا المقولات نفسها كما لو انهم عادوا الى أرشيف نظام صدام واستنسخوا تصريحات مسؤوليه!
يوم الأربعاء الماضي، عشية اليوم العالمي لحرية الصحافة، نشرت وزارة الخارجية البريطانية تقريرها السنوي حول أوضاع حقوق الإنسان في العالم. وفي القسم الخاص بالعراق لاحظ التقرير إنه "ما يزال واحداً من أسوأ دول العالم في مجال حرية التعبير عن الرأي"، مشيراً إلى "ارتفاع حالات الاساءة الى الصحافيين" خلال العام الماضي. وأضاف أن قانون حماية الصحافيين الصادر العام الماضي "يتضمن بعض العناصر الايجابية، لكنه في الوقت نفسه يتضمن أحكاماً مقلقة قد تؤدي لتآكل الحريات الإعلامية.
ويوم الخميس وضع نائب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة جورجي بوستن العراق في قائمة الدول التي تواجه فيها حرية وسائل الاعلام قيوداً شديدة، وأكد خلال احتفالية يوم حرية الصحافة التي نظمها مجلس النواب على "ضرورة العمل المشترك وبذل مزيد من الجهود للوصول إلى عراق يكفل حرية التعبير"، داعياً نواب البرلمان وممثلي الإعلام إلى أن يكون العراق "قدوة في المنطقة لحرية الصحافة".
في المناسبة نفسها (احتفالية مجلس النواب) نشبت مشادة كلامية بين "نقيب" الصحفيين العراقيين ومسؤولة في منظمة اليونسكو التابعة للامم المتحدة على واقع مهنة الاعلام في العراق، ففي كلمتها قالت أماني سليمان، مديرة قسم الاعلام في اليونسكو ان " العراق مازال من أخطر المناطق في العالم من حيث ممارسة العمل الاعلامي فيه، وان الصحفيين معرضون للاستهداف من قبل الجماعات المسلحة ".
هذه المعلومة المعروفة للجميع أغضبت "النقيب" الذي انبرى لها بالقول ان استهداف الصحفيين في العراق قد تغير، فردت المسؤولة الاممية قائلة ان " الأمر ليس كما تقول ونحن نتحدث عن وقائع مشفوعة بدراسات وبحوث في هذا الجانب ".
اما على الصعيد الحكومي فإن الناطق باسم الحكومة علي الدباغ الذي كان قبل سنوات معارضاً مثلنا فقد عبّر عن ضيق الحكومة من التقارير الأخيرة، وأجمل موقف حكومته بالقول إن هذه التقارير "غير منصفة، خصوصاً في ما يتعلق بحرية الإعلام"، معتبراً أن "الحرية التي يتمتع بها الإعلام العراقي هي الأفضل من بين دول المنطقة كما أنها في تصاعد".
وأعرب الدباغ عن أسفه لـ"اعتماد المنظمات وهي جالسة في مكاتبها على تقارير إعلامية مجتزأة بعيدة عن الواقع العراقي"، داعيا "الخارجية البريطانية لأن تكون أكثر قرباً من الواقع العراقي وألا تعتمد على تقارير إعلامية لا ترقى إلى مستوى الحقيقة، باعتبارها تمثل دولة ديمقراطية عريقة".
ما أشبه الليلة بالبارحة!
 

المدى
العدد (2473) السبت 5/5/2012



 

 

free web counter