| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الثلاثاء 5/7/ 2011                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

العراقية العوراء

عدنان حسين

تحتاج قناة العراقية الفضائية إلى أن تنقلها الدولة عاجلاً على نفقتها الخاصة إلى أفضل مستشفيات العيون في العالم (أظن أنها موجودة في موسكو)، فمن الواضح أن هذه القناة تعاني من تلف شديد في إحدى عينيها يهددها بالعَوَر الدائم.

العراقية لا ترى إلا ما تريد لها الحكومة أن تراه.. وما تريده الحكومة هو أن تقول القناة للعراقيين إن كل شيء، أمنياً واقتصادياً وسياسياً واجتماعياً.. وعاطفياً أيضاً، تمام التمام وعال العال، ومن لا يعجبه هذا الكلام يضرب رأسه بأقرب حاجز كونكريتي.
بسبب تلف إحدى عينيها، أو بسبب الأوامر الحكومية، لا ترى العراقية أن الفساد المالي والإداري متفش عمودياً من قمة السلطة والمجتمع إلى راحات أقدامها، و"من زاخو لحد الكويت" ومن طريبيل الى المنذرية.
والعراقية لا ترى أيضا أن مدننا جميعاً (باستثناء مدن إقليم كردستان) لم يعد فيها ما كان يُعرف بالشوارع والساحات والأزقة، فالنفايات والمياه الآسنة والحفريات والأتربة المتخلفة عنها تغطي هذا كله ولم نعد نميز الشارع عن الزقاق والساحة.
وقناة العراقية لا ترى ولا تسمع أن في بلدها العراق ينحدر مستوى خدمات الصحة والتعليم والصرف الصحي (المجاري) إلى ما دون مستواها في السودان والصومال وأفغانستان وزائير.
والعراقية لا يسمح لها عَوَرها، الذي نرجو ألا يتحوّل إلى عاهة دائمة، بان ترى هذا اللعب المستهتر الذي تؤديه النخبة السياسية المتنفذة المستغرقة في سباب بعضها البعض ومناكدة بعضها البعض، علاوة على غرقها في لجة الصراع الوحشي على المناصب والرواتب والامتيازات. فبالنسبة لها، الحكومة أفضل حكومة، ليس في تاريخ العراق الحديث والقديم بل في العالم كله، ورئيس الحكومة أحسن رجل في العالم ونوابه يستحقون جوائز نوبل في الأقل والوزراء جميعاً "خوش أوادم"، والوكلاء والمدراء كلهم أفندية محترمون، والسياسيون الممثلة كتلهم في البرلمان والحكومة أساتذة مبجلون، والمشكلة - إذا ما كانت ثمة مشكلة – إنما في الشعب التعبان الذي تستحق هذه الحكومة شعباً آخر أفضل منه .. شعب لا يشتكي من سوء خدمات الكهرباء والماء والنقل، ومن تلف المواد الغذائية والكهربائية المستوردة من الخارج، ومن تفاقم المشاكل المرتبطة بالفقر والبطالة وتردي حال الزراعة والصناعة والتجارة والري، ولا يتظاهر في أيام الجمعة ضد الفساد والمحاصصة وسواهما.
ولأنها عوراء لا ترى العراقية أن شباب العراق وأطفاله لا نظير لحالهم السيئة في أي بلد آخر في العالم .. شباب وأطفال متروكون للأقدار القاسية، لا أماكن مناسبة لممارسة هواياتهم والتعبير عن مواهبهم.
العراقية، ربما بسبب عاهتها العينية أو الأوامر الحكومية، إذا ما اقتربت من موضوع من هذه المواضيع في برامجها حرصت على مسّها مسّاً رفيقاً خشية المس بشعور الحكومة والبرلمان والطبقة السياسية المتنفذة الفاسدة.
لو كان الأمر بيدي لاقترحت وقف عمل العراقية وسائر الدوائر والأقسام المنضوية تحت لواء شبكة الإعلام العراقي، وتوزيع نصف موازنتها في صيغة إعلانات على الفضائيات الخارجية التي تتمتع بنعمة النظر ستة على ستة بكلتا عينيهما كقناة الحرة عراق والعربية اللتين تقدمان عبر نشراتهما وتقاريرهما الإخبارية وتحقيقاتهما وبرامجهما الحوارية، للشعب العراقي وللرأي العام العربي خدمة إعلامية منصفة ومتوازنة.. خدمة تعادل قيمة ما يُقدم منها في أسبوع واحد ما تنفقه قناة العراقية في سنة كاملة. أما النصف الآخر من الموازنة فسأقترح إضافته إلى موازنات وزارة الكهرباء أو وزارة الصحة أو وزارة التربية (بشرط عدم امتداد يد الفساد إليه)، فهذا أنفع وأجدى لنا نحن الشعب التعبان .. التعبان من ثقل ما تفعله بنا دولتنا الجديدة بمؤسساتها المختلفة، ومنها شبكة الإعلام وقناتها الفضائية العوراء.



العدد (2181) الثلاثاء 5/07/2011






 

 

 

free web counter