| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الأربعاء 4/4/ 2012                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

الشهرستاني بعينين أم بواحدة ؟

عدنان حسين   

كلما سمعت أن أديباً مرموقاً أو فناناً مشهوراً أو عالماً بارزاً قد تولى منصباً حكومياً تملكتني الحيرة واستبد بي الاستغراب: كيف يقبل المثقف عالي الشأن، سيد نفسه، بأن يتحول إلى عبد لمنصب لا بد أن يتسبب في الإساءة إلى مكانته وسمعته فضلاً عن سرقة وقته الثمين؟

في سنوات المعارضة استقبلنا بحفاوة خبر فرار الدكتور حسين الشهرستاني إلى الخارج، فسمعته كعالم ذرة حكم عليه الدكتاتور بالإعدام ثم السجن المؤبد كانت قد سبقته إلينا. وبعد سقوط الطاغية قدّرنا فيه اعتذاره عن عدم قبوله منصب رئيس الحكومة المؤقتة وقلنا إن الرجل يتصرف كعالم للانصراف إلى علمه وخدمة المجتمع عن هذه الطريق الحيوية.
بصرف النظر عما يكمن وراء عدول الدكتور الشهرستاني لاحقاً عن قراره ذاك وولوجه درب السياسة والحكومة، فإنه بدا لنا ناشطاً سياسياً من الطراز الأول، تارة عبر تشكيل كتلة سياسية وأخرى بالترشح للانتخابات النيابية وثالثة وليست أخيرة بتولي المناصب الحكومية، فيما تلاشت علامات علميته.
لا شك أن الدكتور الشهرستاني الآن من النجوم اللامعة في ميدان السياسة والحكومة وليس في ميدان العلم، وزاد من نجوميته انه كثيراً ما يعمد إلى التصريحات المثيرة التي يستحثها الإعلام في العادة ويركض الإعلاميون وراءها. ومن هذه تصريحاته الأخيرة بشأن قيام إقليم كردستان العراق بتهريب "معظم" النفط الذي يُنتجه إلى إيران، وهي تصريحات ثنى عليها في مؤتمر صحفي مشترك وزير النفط الخاضع لإشراف وإدارة الشهرستاني باعتبار الأخير نائباً لرئيس الوزراء لشؤون الطاقة.
إذا صحّت معلومات الدكتور الشهرستاني ووزيره فإن النفط المّهرّب هو نفط خام لأن الإقليم لا يملك مصفى للنفط، وهذا بفضل سياسات نظام صدام الذي لم يكن يريد بناء أي مرفق اقتصادي يعود بالفائدة على الإقليم وشعبه، وهي سياسات يبدو أن خلفاء صدام يقتفون آثارها. وبالطبع فإننا جميعاً نعرف أن إيران من أكبر دول العالم المُنتجة للنفط، وهي بالتالي ليست في مسيس الحاجة للنفط الخام، وإنما للمشتقات النفطية التي تواجه طهران مصاعب في إنتاجها بسبب تخلف صناعتها واشتداد العقوبات الدولية عليها.
إلى جانب هذا نعرف أيضاً أن لا أنابيب تنقل النفط من إقليم كردستان إلى إيران، وإن وسائل نقل النفط "المُهرّب" من الإقليم إلى إيران تتراوح بين الشاحنات الحوضية والبغال، ذلك أن المناطق الرابطة بين الإقليم وإيران هي بأجمعها جبلية.
ليس من المستبعد أن يكون هناك نفط كردستاني يُهرّب إلى إيران، فالتهريب بين العراق وجيرانه جميعاً قائم على قدم وساق، وهو يشمل كل شيء بما في ذلك المخدرات التي تأتي بكميات كبيرة إلى العراق من إيران بشكل خاص، كما يعرف الدكتور الشهرستاني.
في أجواء حماسة الدكتور الشهرستاني الوطنية حيال قضية التهريب، يطرح نفسه سؤال مركب وجدي للغاية: ماذا عن تهريب النفط القائم على قدم وساق منذ 2003 حتى الآن من الجنوب إلى إيران؟ كم بلغت الآن قيمة هذا النفط؟ وما حجم الضرر الذي يلحقه هذا التهريب بالموازنة العامة السنوية للدولة وبمصالح الشعب؟ وما الذي فعله الدكتور الشهرستاني، وزيراً للنفط ثم نائباً لرئيس الوزراء لشؤون الطاقة لإقناع أصدقائه في الأحزاب الإسلامية ومن الإيرانيين أيضاً أو إرغامهم على الكفّ عن سرقة نفط الجنوب وتهريبه؟ أم أن الدكتور الشهرستاني لا يرى إلى الأشياء بعينين اثنتين؟
 

المدى
العدد (2443) الأربعاء 4/4/2012



 

 

free web counter