| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الأحد 4/3/ 2012                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

ابقوا على المصفحات وقلّصوا الرواتب

عدنان حسين  

مثلما كانت هناك قشّة قصمت ظهر بعير ما في زمن ما ليصبح الأمر مثلاً سائراً تتوارثه الأجيال، فإن تخصيص أعضاء مجلس النواب لأنفسهم مبلغ 50 مليون دولار لشراء سيارات مصفحة كان بمثابة القشّة التي قصمت ظهر البعير وأثارت الضجة الواسعة والقوية ضد البرلمان وأعضائه.

ليس الخمسون مليون دولار بالمبلغ الهائل، فهو بالكاد يبني مستشفى أو مجمعاً سكنياً أو يفتح طريقاً سريعة بين بضع محافظات، آخذين في الاعتبار التكاليف المضافة لتغطية مستلزمات الفساد المالي والإداري. وهذا المبلغ لا يُقارن برشوة صفقة واحدة من صفقات مشاريع للكهرباء أو النفط أو الغاز أو صفقات شراء مواد غذائية أساسية كالرز والحنطة، فقيمة كل واحدة من الرشاوى مع الشركات الوهمية أو الحقيقية العاملة في هذه الميادين تصل إلى مئات ملايين الدولارات.
في ظروف مثل التي تمر بها بلادنا يمكن الإقرار بقدر من المشروعية لاحتياطات الأمن والأمان الهادفة إلى حماية الشخصيات العامة، وبينهم وربما في مقدمتهم أعضاء البرلمان، باعتبار أنهم مستهدفون من الإرهابيين. لكن هل هناك خطر على أعضاء مجلس النواب يستدعي شراء مصفحات لهم بعشرات الملايين من الدولارات؟
كل أعضاء البرلمان لديهم حمايات ومواكب مدججة بالسلاح من الصعب اختراقها، وبعضهم لديه بالفعل سيارات مصفحة. ونصف هؤلاء الأعضاء في الأقل مقطوعو الصلة بالشعب.. لا يغادرون المنطقة الخضراء إلى الأسواق ومناطق التجمّع الشعبي، وبينهم من ليست له علاقة حتى بناخبيه. وهؤلاء إن خرجوا من المنطقة الخضراء فإلى العواصم الأخرى للاستراحة والتبضع و"البزنس".
علاوة على هذا فإن رواتب أعضاء البرلمان ومخصصاتهم كبيرة جداً لا يمكن مقارنتها برواتب ومخصصات نظراء لهم حتى في أكثر الدول ثراءً ورخاءً وتقدماً.
رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي اقترح على زملائه التراجع وقتياً عمّا وصفه "الحق الدستوري" حتى يحين الظرف الذي "يكون الشعب فيه أكثر تفهماً لعملكم الشاق"، بحسب تعبيره.
أظن أن الاقتراح العملي والصائب هو أن يصار إلى تقليص رواتب النواب ومخصصاتهم إلى النصف .. الآن كل نائب يتقاضى نحو ثلاثين ألف دولار شهرياً عن نفسه وعن حراسه وخدمه وحشمه ( كثير من النواب لا يعيّنون 30 حارساً كما هو مقرر لكل واحد منهم ولا يدفعون لمن يعينونهم الراتب المقرر وهو 750 ألف دينار لكل حارس، أي أنهم يسرقون من رواتب ومخصصات حراسهم). وتقليص رواتب النواب إلى النصف يعني توفير نحو 4 ملايين و875 ألف دولار شهرياً، أي أكثر من 58 مليون دولار سنوياً، أي أكثر من 230 مليون دولار في أربع سنوات.
هذا التقليص له ميزة كبيرة أخرى غير توفير هذه المبالغ، فالطامعون في راتب النيابة ومخصصاتها الباذخة لن يتقدموا إلى الانتخابات البرلمانية، فيما ستتاح الفرصة للآلاف من العراقيين الشرفاء النزيهين المخلصين أن يخوضوا الانتخابات. نعم هناك آلاف وآلاف من العراقيين، نساءً ورجالاً، المستعدين لخدمة بلادهم وشعبهم بأدنى الرواتب والمخصصات.
جربوا مرةً الإعلان عن مثل هذا التقليص لتروا ما يدهشكم على الصعيدين.. صعيد مَن يُطلّق البرلمان ويرحل إلى العواصم الأخرى، وصعيد مَن يُقبل على الخدمة العامة من أرفع الكفاءات بأقل المقابل.

 

المدى
العدد (2413) الأحد 4/3/2012



 

 

free web counter