| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الخميس 4/4/ 2013                                                                      

 

شنــاشيــــل :

من يترك الغيتو؟

عدنان حسين  

كنتُ وما زلت، مثل كثيرين غيري، أعتقد بان الاحزاب الشمولية، وبخاصة الاسلامية (الشيعية والسنية سواء بسواء) والقومية، لا تصلح لحكم بلد كالعراق متعدد القوميات والأديان والمذاهب، وربما لا تصلح لحكم أي بلد آخر أيضاً.

الحزب الاسلامي، وأي حزب يقوم على الدين، هو حزب طائفي بالضرورة. وفي البلدان الاسلامية قاطبة لا يوجد حزب اسلامي يتنوع أعضاؤه بتنوع طوائف الدين الاسلامي ومذاهبه. والحزب القومي عنصري بطبيعته، وفي العالم كله لا يوجد مثال واحد لحزب قومي تضم تنظيماته أعضاء من قوميات مختلفة.

عدم صلاحية الحزب الاسلامي والحزب القومي لحكم العراق هو ما جعل العراقيين العراقي يتحمسون لتبني النظام الديمقراطي البرلماني التعددي، فيتحدون المنظمات الارهابية ويزحفون تحت نثار الرصاص وشظايا المتفجرات نحو صناديق الاقتراع للاستفتاء على الدستور ومن ثم انتخاب أعضاء مجلس النواب ومجالس المحافظات. وراء تلك الحماسة كان الادراك العام بان مشكلة الدولة العراقية تاريخياً هي ان هذه الدولة لم تكن في أي وقت ديمقراطية لتؤسس لأمة عراقية متعددة الأعراق والاديان والمذاهب ولهوية وطنية مستقرة ومتينة.

الغيتوية، وهي نظام منغلق، تتعارض بطبيعتها مع الديمقراطية التي هي نظام منفتح، وكل من الحزب الاسلامي، وأي حزب ديني، والحزب القومي نوع من الغيتو.

ما يفسّر كراهية رئيس الوزراء نوري المالكي للحضور أمام البرلمان لمراجعة أعماله انه ابن مؤسسة غيتوية، لا يتحمل فكرة ان يكون خاضعاً للحساب الا داخل حزبه وبسرية تامة. والا ما السيد المالكي قد عارض ورفض الدعوات المتكررة من مجلس النواب بالحضور اليه وتقديم كشف حساب بشأن ملفات مختلفة، وبخاصة الملف الأمني وملف الفساد المالي والاداري وملف الخدمات.

ما كان للسيد المالكي أن يكون رئيسا للحكومة لو لم يختره البرلمان المتشكل بعملية ديمقراطية (الانتخابات). ومن البديهي أن يكون رئيس حكومة من هذا النوع مسؤولاً أمام البرلمان الذي يستمد منه شرعيته، وملزماً بالمثول اليه كلما تطلب الأمر.

في البلدان الديمقراطية لا يبحث رؤساء الحكومات المعينون من البرلمان عن ذرائع وحجج شكلية للتهرب من المساءلة البرلمانية كما يفعل السيد المالكي. انهم يذعنون لطلب البرلمان بوصفه السلطة العليا التي تمثل الشعب، مصدر السلطات. بل ان من المعتاد ان يذهب رؤساء الحكومات الديمقراطية الى البرلمان حتى من دون طلب من الأخير عندما تواجه البلاد والحكومة مشكلة عويصة تتطلب مشاركة ممثلي الشعب في حلها، وما أكثر مشكلاتنا العويصة. أكثر من هذا انه في بعض الدول الديمقراطية ، كبريطانيا، هناك موعد دوري ثابت لمثول الحكومة ورئيسها أمام البرلمان والخضوع لمساءلة غالباً ما تكون شديدة للغاية لانها فرصة للمعارضة لمحاسبة الحكومة. لكن هذه الشدة لا تنسحب على أجواء العلاقات بين الطرفين بعد انفضاض جلسة البرلمان، ففي الديمقراطية لا يُفسد اختلاف الرأي للود قضية بين الحكومة والمعارضة.

يحتاج سياسيونا، وأولهم رئيس الوزراء، الى الكثير من التدريب والتأهيل ليكونوا ديمقراطيين، لكنهم قبل هذا يلزمهم أن يغادروا غيتواتهم. فهل يفعلون؟


المدى
العدد (2766)  4/4/2013

 

 

free web counter