| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الأثنين 4/6/ 2012                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

استحقاق سياسي واخلاقي على حكومة المالكي

عدنان حسين   

صرف النظر عمّا إذا كان رئيس الوزراء نوري المالكي شريراً كما يسعى خصومه لتصويره أو طيباً كما يراه أنصاره ومحازبوه، وبغضّ البصر عمّا إذا كان الحق إلى جانبه في الأزمة السياسية الراهنة التي طال أمدها أو على مبعدة منه، فان سحب الثقة منه أو استقالته من تلقاء نفسه صار أمراً مُستحقاً أخلاقياً وسياسياً.

السيد المالكي عاد إلى السلطة في ولايته الثانية (الحالية) في صفقة غير دستورية بُررت بان الوضع القائم في البلاد لم يزل يتطلب تنحية بعض أحكام الدستور جانباً والإبقاء على نظام التوافق والمحاصصة، حفاظاً على وحدة البلاد وعلى الوحدة الوطنية والمصالحة الوطنية كما قيل يومها. وعلى هذا الأساس شكل المالكي حكومته الحالية بصيغة "الشراكة الوطنية" التي كان قد تعهد في أخريات ولايته الأولى بعدم العودة إليها، وهو الذي نقض العهد فجلب لنفسه المشاكل ولنا أزمة طاحنة متفاقمة تحولت إلى بلاء على الشعب.

هذه الأزمة ليست ابنة أسابيع أو أشهر، وسببها ليس قضية طارق الهاشمي ولا الخلاف مع مسعود بارزاني، فهي انطلقت غداة تشكيل الحكومة تماماً، وترجع جذورها إلى عدم تقيّد المالكي ببنود اتفاق أربيل الذي تشكلت حكومته بموجبه.
مع هذا لنضع اتفاق أربيل جانباً، وكذا خلاف المالكي مع إياد علاوي ثم مع بارزاني، ولننظر في ما إذا كان سحب الثقة من حكومة المالكي الحالية أو استقالتها يبقى استحقاقاً أخلاقيا وسياسياً أم لا.

قبل خمسة عشر شهراً حدث زلزال في البلاد.. زلزال سياسي، هو التظاهرات الشعبية التي عمّت معظم المدن الرئيسة، بما فيها العاصمة بغداد.. هو زلزال بدليل أن السيد المالكي اتخذ إجراءات من النوع الذي لا يُتخذ إلا في حال الطوارئ القصوى، فقد فرض حظراً تاماً على التظاهرات برغم كفالتها دستوراً، وعندما شمّ رائحة تحدّي الناس لحظره فرض حظر التجوال في العاصمة لجمعتين متتاليتين وأطلق قواته المسلحة لتقمع المتظاهرين بقسوة مفرطة أدت الى موت وإصابة المئات منهم.

وبعد فوات الأوان أقرّ السيد المالكي في خطاب علني أمام البرلمان بان المتظاهرين، الذين سبق وأن وصفهم بأنهم من عناصر البعث والقاعدة، كانوا مُحقين في مطالبهم وشعاراتهم وتعهد بتلبيتها. ومطالب المتظاهرين تلخصت في: تصحيح مسار العملية السياسية بإلغاء نظام المحاصصة في توزيع مناصب الدولة العليا ووظائفها الدنيا، ومكافحة الفساد المالي والإداري وتوفير المليارات المنهوبة للزراعة والصناعة وتأمين الخدمات الأساسية (الكهرباء، الماء، الصحة، التعليم، الصرف الصحي، النقل العام... الخ) وإطلاق عملية إعادة الإعمار، وتوفير الوظائف للخريجين العاطلين عن العمل لسنوات عدة ومكافحة الفقر وتحسين الحصة التموينية نوعاً وكماً.

والآن بعد خمسة عشر شهراً لم يتحقق أي تقدم ذي بال في أي مجال من المجالات التي طالتها مطالب المتظاهرين وشعاراتهم.

في النظام الديمقراطي عندما تعجز حكومة عن تحقيق وعودها وتنفيذ برنامجها تستقيل أو يسحب البرلمان ثقته منها .. وهذا تقليد راسخ وقانون محترم في كل الدول الديمقراطية من بريطانيا إلى تايلاند.

وفي النظام الديمقراطي أيضاً عندما تعجز حكومة بعد ستة أشهر، أو سنة بالكثير، عن حلّ أزمة سياسية كالتي نمرّ بها الآن أو اقتصادية، فإنها تتقدم بإرادة رئيسها باستقالتها إفساحاً في المجال لتشكيل حكومة جديدة يُمكن أن تكون أقدر على التعامل مع الأزمة، فتُجنب البلاد المخاطر المحتملة.

ألسنا دولة ديمقراطية؟ .. لماذا إذن لا يتصرف برلماننا وحكومتنا وفقاً لقواعد اللعبة الديمقراطية وقوانينها؟ .
 

المدى
العدد (2500) الأثنين 4/6/2012



 

 

free web counter