| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الثلاثاء 4/9/ 2012                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

 أكرمونا بسكوتكم رجاءً

عدنان حسين   

ما من أحد في دولتنا ليس فاسداً أو مُفسداً .. أركان الدولة الأعلون ومساعدوهم ومستشاروهم والوزراء ووكلاء الوزارات ورؤساء المؤسسات والهيئات والمدراء العامون والمحافظون وأعضاء مجالس المحافظات ومسؤولو السلطات في إقليم كردستان، والنواب ومدراء مكاتبهم والقضاة.

هذه هي خلاصة التصريحات المتدفقة على مدار الساعة من نواب حاليين وسابقين ووزراء ومسؤولين سابقين يتحدثون عن هذه القضية بلهجة واثقة ويقينية.
لا دخان بلا نار بالطبع، ونحن نُدرك ان معلومات نصف هذه التصريحات في الأقل صحيحة تماماً حتى من دون توافرنا على الدليل القاطع الذي دونه خرط القتاد في دولتنا المعادية للشفافية كعدائها للنزاهة وكعدم إيمانها بحرية تدفق المعلومات المكفولة دستورياً. وأكبر دليل على وجود فساد هائل في دولتنا اننا لا نرى لمئة مليار دولار تضخّها الصادرات النفطية في الموازنة العامة للدولة كل عام تأثيراً ملموساً على حياتنا في مختلف نواحيها، الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأمنية، وهل ثمة دليل أسطع من بقاء مشكلة الكهرباء وسائر أشكال الخراب على حالها حتى الآن؟
بموازنات سنوية بربع هذا المبلغ الفلكي، وحتى بأقل منه بكثير، تجري على مدار الأيام تغييرات ملحوظة في بلدان لا ثروات طبيعية لديها غير بعيدة عنا كالأردن ولبنان. فأين تذهب أموالنا؟ لا بدّ انها تذهب هباءً منثوراً في درابين الفساد المالي والإداري الذي له ألف وجه ووجه في بلادنا وينخرط في سلكه جيش مدجج بالأسلحة الحية الفتاكة والذخائر الناسفة وبالصلاحيات النافذة، مؤلف من عشرات الآلاف من مسؤولي الدولة وموظفيها وأصحاب الأعمال الحقيقيين والمزيفين المحليين والأجانب.
مادام النواب والمسؤولون السابقون في الدولة المغرمون بالتصريح في قضايا الفساد لا يُفصحون عن الأسماء ولا يُقدمون الى الإعلام ولا الى القضاء المعطيات التي يتوافرون عليها فاننا ننظر الى تصريحاتهم بوصفها نوعاً من اللغو المقصود الذي يُراد به خلط الأوراق وتشتيت الإنتباه عن القضايا التي تمسّ حياة الناس وحاجاتهم وصرف الأنظار عن فسادهم هم، فهم أيضاً داخل نطاق الشبهات. إنهم بهذا يمشون في أثر قادة كتلهم وائتلافاتهم وأحزابهم المتنفذة في الحكومة والبرلمان والذين يتقاذفون ليل نهار الاتهامات بالمسؤولية عن الحال التعيسة لنا ولبلادنا، فيما هم جميعاً من دون استثناء يتحمّلون المسؤولية كاملة غير منقوصة عن هذه الحال الناجمة عن سوء سلوكهم وتصرفهم وعدم تحلّيهم بالضمير الوطني والغيرة الوطنية وبأدنى مواصفات رجال الدولة.
إذا لم يسمِ هؤلاء المغرمون بالتصريحات الرنانة الأشياء بأسمائها الحقيقية ويتعاونوا مع الإعلام والقضاء في تقديم ما في حوزتهم من ملفات بوثائقها الصحيحة ووقائعها الأكيدة، فأكرم لهم وأفضل لنا ولبلادنا أن يوقفوا هذه اللعبة الصبيانية ويصمتوا حتى لا تضيع علينا معالم الجريمة التي من المرجح جداً أن يكونوا هم أيضاً من مرتكبيها.

 

المدى
العدد (2581) الثلاثاء 4/9/2012



 

 

free web counter