| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الخميس 4/10/ 2012                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

الفرقة الذهبية

عدنان حسين        

هل ما قامت به "الفرقة الذهبية" عمل جليل؟ يستحق الثناء فنكرّس كيبوردات كومبيوتراتنا وشاشاتها (أقلامنا سابقاً) وصحفنا وتلفزيوناتنا للإشادة به؟ يستأهل التصفيق والوقوف تحية وتقديراً وتبجيلاً؟ ربما، ولكن أليس لهذا العمل "الذهبي" جانب سلبي؟

هذه الأسئلة مناسبتها قيام الفرقة الذهبية، وهي القوة المسلحة التابعة لقيادة العمليات الخاصة أو جهاز مكافحة الإرهاب، بدهم سجن بادوش في الموصل وتفتيشه ومصادرة أجهزة التلفون المحمول لدى السجناء، فقد جاء في الأخبار أمس على لسان مصدر مسؤول في السجن إن الفرقة الذهبية قدِمت من بغداد بشكل مفاجئ ودهمت المجمع الإقليمي في سجن بادوش الذي يضم مئات النزلاء من كافة محافظات البلاد وفرضت سيطرتها على السجن ومحيطه ثم فتشت قاعات السجناء وغرفهم، وصادرت عدداً كبيراً من الهواتف المحمولة التي كانت في حوزتهم.
لن نغفل عن ان هذا العمل جاء على خلفية الهروب الكبير لعناصر تنظيم القاعدة المحكومين بالإعدام والمعتقلين في سجن تكريت الاسبوع الماضي، حيث تبيّن ان العناصر الإرهابية كانت تتمتع بظروف العيش في فندق بثلاث نجوم في الأقل ويقوم على خدمتها ندلاء يحملون على أكتافهم نجمات الشرطة الاتحادية.
للوهلة الأولى تبدو عمليات دهم السجون التي تضم العناصر الإرهابية على نحو خاص أمراً جيداً وممتازاً وعظيماً كي لا تتكرر مأساة تكريت التي قُتل فيها العديد من رجال الشرطة القائمين على واجبهم بحراسة السجن فيما يفلت من العقاب العشرات من القتلة الذين سيعاودون في الحال مهنة القتل الجماعي بدم بارد. لكن هذه العمليات مؤشر على ان نظام الحماية الواجب على الدولة توفيره لمواطنيها منهار تماماً، فكل السجون يُمكن أن تكون كسجن تكريت وسجن بادوش، كل واحد منها هو فندق بثلاث نجوم لعناصر القاعدة وسواهم من الإرهابيين القتلة الذين لديهم إمكانية الاتصال والتنسيق مع عناصر تنظيماتهم خارج السجن والقدرة على تأمين الفرار منه بسهولة.
من المفترض أن تنحصر مهمة الفرقة الذهبية في مكافحة الإرهاب خارج السجون، وأن تضمن الحكومة من جانبها جهاز حراسة للسجون غير فاسد لكي تتفرغ الفرقة الذهبية لمهامها التي تنتهي عند أبواب السجون وأسوارها الخارجية.
الاعتماد على هذه الفرقة في كل شيء نخشى أن يحولها لاحقاً الى "حرس جمهوري" شبيه بالحرس الجمهوري الذي صار جيشاً حقيقياً أقوى من الجيش وصاحب سطوة عليه في العهد السابق وأداة شخصية في يد صدام للتحكّم والتسلّط والبطش.
لسنا في حاجة الى حرس جمهوري آخر يصبح لاحقاً أداة قمع في أيدي رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة، سواء كان نوري المالكي أو غيره.
ليس مهمة جهاز مكافحة الارهاب دهم السجون الا عندما تفلت الأمور داخلها من السيطرة، فالسيطرة على السجناء ومنع دخول التلفونات المحمولة والأسلحة، البيضاء والسوداء، وأدوات حفر الأنفاق هي جميعاً مهمة إدارات السجون. واذا كانت هذه الإدارات فاسدة فالحل الناجع ليس بنقل الفرقة الذهبية من سجن الى سجن وانما بتعيين إدارات غير فاسدة للسجون، وهذا بدوره لا يكون الا إذا اختيرت إدارات الدولة على وفق شروط الكفاءة والنزاهة والوطنية، وهي شروط لا علاقة لها من قريب أو بعيد بالطائفية والمذهبية والقومية والحزبية المتفشية في جهاز دولتنا ويراد ترسيخها.

 

المدى
العدد (2611) الخميس 4/10/2012



 

 

free web counter