| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الأحد 3/4/ 2011                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

إعلام يخدم الأعداء مجاناً !

عدنان حسين

بالتأكيد ليس لأن الدنيا ربيع والجو بديع هذه الأيام تواصل شبكة الإعلام العراقي تقفيلها على موضوع التظاهرات المتواصلة في البلاد منذ خمسة أسابيع.
لا بدّ ان الانقطاع عن الزمن والجهل بطبيعة الإعلام وبطبيعة الشبكة، كمؤسسة للدولة وليست حكومية، والخضوع للضغط الحكومي من جانب إدارة الشبكة، هو ما يفسّر أن شبكة الإعلام لا يفوتها شيء من أخبار حركات الاحتجاج في اليمن والبحرين وسوريا والأردن وسلطنة عمان، وحتى في هونولولو إذا ما حدث شيء، فيما تُعطي الأذن الطرشاء والعين العمياء والفم المكمم لتظاهرات الجمعة وغير الجمعة في العاصمة بغداد ومدن أخرى.

غير مرة أظهر كبار المسؤولين في الحكومة ضيقهم الشديد من "مبالغات" و"تهويلات" الإعلام المعادي (البعثي والقاعدي)، فماذا فعلوا لمواجهة هذا الإعلام؟.. الأوامر بعد الأوامر لشبكة الإعلام بعدم الاقتراب من موضوع التظاهرات وعدم كشف السلبيات .. وإذا كان الأمر غير ذلك فمعناه ان إدارة شبكة الإعلام يمكن أن تصلح للمتاجرة بالأعلاف، مثلا، أو للعمل في مجال غسل وتشحيم السيارات.. أما الإعلام فلا كبيرة.
وسواء حدث هذا التقفيل بأوامر وضغوط حكومية أو بسبب عدم تخصص وعدم كفاءة إدارة شبكة الإعلام، فالنتيجة أن الشبكة، وعموم الإعلام المحلي المتفق مع الحكومة على عدم تغطية التظاهرات، تؤدي بذلك خدمة كبرى مجانية للإعلام المعادي .. تترك له الساحة لكي يصول ويجول براحة متناهية. ومن السذاجة، بل البلاهة، افتراض أن المشاهد والمستمع والقارئ العراقي سيغلق عيونه وآذانه عن أخبار التظاهرات إكراما لعيون المسؤولين في قناة "العراقية" وإذاعتها وصحيفة "الصباح"... الشبكة بذلك تُهدي، من دون مقابل، المشاهدين والمستمعين والقرّاء الى "الشرقية" و"البغدادية" و"الرافدين" و"الجزيرة".
ثمة مشكلة كبيرة في عمل شبكة الإعلام، ومجمل مؤسسات الإعلام المحلية .. مشكلة تتصل في المقام الأول بالمهنية، وهي مشكلة مزمنة وليست طارئة، ولا ينفع عدم الاعتراف بهذا أو السعي لإيجاد الذرائع والمبررات الواهية.
وهذه المشكلة هي التي جعلت الإعلام العراقي، وبخاصة شبكة الإعلام، يقصِّر في مواجهة المد الإرهابي الذي هدّد جدّيا كيان الدولة والمجتمع، فلم يُفلح هذا الإعلام في كشف خفايا وأسرار الشبكات الإرهابية ومصادر تمويلها وأساليب عملها. ان قناة خارجية، هي قناة "العربية"، قدّمت للعراقيين خدمة على هذا الصعيد لم يستطع أن يحقق الإعلام العراقي كله عشر معشارها، فبرنامج "صناعة الموت"، مثلا، فضح على نحو مهني منظمات الإرهاب، وبخاصة "القاعدة" وفروعها، مع انه كان، وما يزال، متاحاً للإعلام العراقي من الوقائع والوثائق القدر الأكبر الذي يتيح إنتاج العشرات من البرامج الوثائقية، وحتى من الأعمال الدرامية المستمدة من آلاف القصص الإنسانية لمعاناة العراقيين مع الإرهاب.
حتى الآن لم ينجح الإعلام العراقي في تقديم الصورة الحقيقة للفضائع الشنيعة والعواقب المهولة التي ترتبت على أعمال الإرهاب وعلى مساعي إثارة حرب طائفية. ويرجع السبب الرئيس في ذلك الى أن من يديرون الإعلام العراقي هم في الغالب ليست لهم معرفة أو خبرة أو كفاءة في مجال الإعلام والصحافة.
الإعلام العراقي في حاجة الى عملية تغيير كبيرة لكي يكون قوياً وفاعلاً يستقطب الرأي العام العراقي ويؤثر فيه ويسحب البساط من تحت أقدام مؤسسات الدعاية المعادية (البعثية والقاعدية)، وهذه العملية يجب أن تنطلق من جهاز الدولة الإعلامي الذي عليه أن يتحرر من حكوميته وأن يستقطب الكفاءات المهنية المحلية والمهاجرة.
يتطلب الأمر إعادة نظر جذرية في هيكلية وطرائق عمل شبكة الإعلام بما يجعلها مؤسسة وطنية قوية يديرها أصحاب الكفاءة والخبرة من العناصر الوطنية النزيهة، وتستند في عملها الى المعايير المهنية التي تحكم مهنة الإعلام.
الحاجة ملحة لتنظيم مؤتمر وطني يدرس وضع الشبكة، تشارك فيه أفضل الكفاءات الإعلامية في الداخل والخارج وممثلون عن البرلمان والحكومة ليقدّم للبرلمان والحكومة التوصيات المناسبة لإعادة بناء الشبكة على أسس مهنية ووطنية لا تجعل منها رهينة للأهواء الشخصية والأهداف الحزبية.


العدد (2089) الأحد 03/04/2011






 

 

 

free web counter