| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الثلاثاء 3/4/ 2012                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

عن إعلام القمة

عدنان حسين   

في البلاد المتحضّرة التي تديرها حكومات تحترم نفسها وشعبها يحرص مسؤولو الدولة على دعوة أكثر الصحفيين كفاءةً ومهنيةً وأفضلهم سمعةً لحضور المؤتمرات الصحفية لكبار المسؤولين في الدولة، خصوصاً عندما يكون هناك زوار أجانب رفيعو المقام. وهذا ما نفتقده هنا، ومؤتمر القمة العربي الأخير شاهد جديد على هذا.

في المؤتمرات الصحفية التي سبقت اجتماعات القمة ورافقتها وتلتها غاب كبار الصحفيين والإعلاميين العراقيين عن المشهد الذي تصدره صحفيون أغرار لم تتشكل كفاءتهم بعد ولم تكتمل خبرتهم، وانعكس هذا في نوعية الأسئلة التي طُرحت خلال المؤتمرات الصحفية جميعاً، وبالذات المؤتمران اللذان عقدهما وزير الخارجية مع الأمين العام المساعد للجامعة العربية ثم مع الأمين العام والمؤتمر الصحفي للناطق باسم الحكومة، وأخيراً مؤتمر رئيس الوزراء.
في هذه المؤتمرات كانت الغلبة للصحفيين المبتدئين الذين يطرحون أسئلة أطول من أجوبتها أو غير ذات صلة بالموضوعات الأساسية أو أسئلة مكررة وأخرى غير منتجة. ولهذا لم نسمع أسئلة تحولت إجاباتها إلى مانشيتات لصحف اليوم التالي.
لماذا حدث هذا؟ ولماذا يتكرر حدوثه لدينا؟
ببساطة إن الأجهزة المعنية في دولتنا لا تعتمد المعايير المهنية في اختيار الصحفيين الذي يدعون إلى مؤتمرات كهذه. ففي الغالب تلعب العلاقات والارتياحات الشخصية الدور الحاسم في الاختيار. ومؤتمر قمة بغداد لم يكن استثناءً من ذلك.
قبيل بدء اجتماعات القمة بنحو أسبوعين استضاف الناطق باسم الحكومة مجموعات من الصحفيين "القياديين" للبحث معهم في مسألة التغطية الإعلامية للقمة، وكنت أحد أفراد واحدة من هذه المجموعات. وبين ما أثير من ملاحظات من الزملاء لفت أحدهم إلى تجارب سابقة جرى فيها الاهتمام بصحف وأجهزة إعلام أخرى غير ذات قيمة ولا نفوذ، وبعضها شبه وهمي، بينما لم تحض صحف ووسائل إعلام مرموقة باهتمام مماثل. وبين ملاحظات أخرى لفتّ شخصياً الانتباه إلى أن التغطية الناجحة لحدث القمة تحدده تغطية وسائل الإعلام المحلية أولاً، وعليه نبهت إلى خطورة أن يُعامل الصحفي والإعلامي المحلي باعتباره درجة ثانية فيما الصحفي والإعلامي الأجنبي درجة أولى.
الناطق باسم الحكومة السيد علي الدباغ ونائبه الدكتور تحسين الشيخلي أكدا بحماسة أن شيئاً من هذا لن يحدث هذه المرة، وان الأولوية والأهمية ستكون للصحف ومحطات التلفزيون الرئيسة في البلاد، وان الصحفي والإعلامي المحلي لن يعامل معاملةً أدنى من الصحفي والإعلامي الأجنبي. لكن ما حدث على أرض الواقع إن ما خشيناه، زميلي وأنا، وما حذرنا من وقوعه قد وقع بالفعل.
أدعو كل من لديهم أدنى شك في ما أقول، وبينهم السيد الدباغ والدكتور الشيخلي، إلى مراجعة قوائم الصحفيين الذين حصلوا على باجات القمة ليدركوا من كان صاحب الحظوة فيها. وصاحب الحظوة في الغالب كان صحفياً من الدرجة الرابعة والخامسة لكنه من أتباع هذا الشخص أو ذاك من أعضاء اللجنة المسؤولة أو من أتباع أصحابهم. وكان بين أصحاب الحظوة "صحفيون" في صحف ومجلات لم تعد تصدر أو تصدر موسمياً!. كما أدعو إلى أن يُسأل الصحفيون العراقيون الحقيقيون الذي شاركوا في تغطية القمة عن التسهيلات التي قُدّمت لهم مقارنة بما قُدّم للصحفيين الأجانب.
ما تفسير هذا كله؟.. تفسيره إننا في دولة لا تحترم مؤسساتها أنفسها ولا الناس.
 

المدى
العدد (2442) الثلاثاء 3/4/2012



 

 

free web counter