| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

السبت 3/3/ 2012                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

بغداد تتفجر وتختنق.. هم يضحكون!

عدنان حسين  

ضحك الإرهابيون مِلءَ أشداقهم يوم الخميس (أول من أمس) ربما أكثر ممّا ضحكوا الخميس السابق الذي استطاعوا في إحدى ساعاته أن يفجّروا 22 مفخخة دفعة واحدة في العاصمة بغداد ومدن أخرى (بعض المصادر يؤكد أن الرقم الحقيقي أكبر من الرقم الرسمي هذا)، متسببين في مقتل وإصابة المئات من الأطفال والشبيبة والشيوخ الذين لم يكن لهم أي ذنب غير أنهم عراقيون.

في الخميس الأسبق شبع الإرهابيون ضحكاً لأنهم حققوا مرة أخرى نجاحاً كبيراً.. أعدّوا المواد المتفجرة أو جلبوها من أمكنة ما ولم يتنبّه إليهم أحد في الأجهزة الأمنية!.. فخّخوا بها سيارات وحاويات وأشياء أخرى ولم يكتشفهم أحد!.. ثم فجّروا مفخخاتهم ولم يُمسك بهم أحد، في أجهزة الأمن دائماً!
أما ضحكهم في الخميس الأخير فهو لأن أجهزة الأمن اتخذت في هذا اليوم إجراءات مزعجة للغاية في شوارع العاصمة تسببت في اختناقات مرورية غير مسبوقة إلا في النادر.. الأرجح أن هذه الأجهزة تحسّبت لوقوع تفجيرات جديدة في هذا اليوم، فإذ بدا أن الخميس هو اليوم المفضل للإرهابيين لكي يضربوا، أقامت القوات الأمنية نقاط تفتيش (سيطرات) إضافية في معظم شوارع العاصمة وحصرت المرور في السيطرات بمسرب واحد بدل اثنين في العادة، والنتيجة يوم آخر لزيادة النقمة على الدولة بدل الإرهابيين، فقد انحشر الكثير من الموظفين والعمال ومراجعي الدوائر والمتسوقين في السيطرات وتقطّعت السبل بكثيرين آخرين، وغدا التنقل داخل العاصمة عذاباً حقيقياً. إحدى الصديقات استغرقت رحلتها من الجادرية إلى مدخل المنصور ساعتين ونصف الساعة، واحد المواطنين أبلغ قناة تلفزيونية وطنية انه كان قادماً من محافظته إلى العاصمة لملاحقة معاملة لدى إحدى الدوائر فأرسلته هذه الدائرة إلى دائرة أخرى استغرق وصوله إليها ساعتين ولم يشأ أن يعود إلى الدائرة الأولى لإدراكه انه لن يصل إلا بعد موعد انتهاء الدوام، فتعيّن عليه البقاء في بغداد حتى الأحد أو العودة إلى محافظته، وفي الحالين سيتكبّد نفقات كبيرة.
ليس الإرهابيون بهذه الدرجة من عدم الحيلة والمكر لكي يغفلوا عن احتمال قيام الأجهزة الأمنية بتشديد إجراءاتها.. لقد توقعوا ذلك بالتأكيد ورأوا، كما في مرات كثيرة سابقة، ألاّ يعاودوا التفخيخ والتفجير إلا بعد أن يمر وقت تخفّ فيه الإجراءات وتعود الأجهزة الأمنية إلى خدرها وتراخيها. وللإنصاف فان الأجهزة الأمنية لا تتحمل المسؤولية الرئيسة عن الفشل في السيطرة على الإرهاب، فهذا يرجع إلى الفشل التام الشامل، سياسياً أو اقتصادياً واجتماعياً وأمنياً، لدولتنا.
إجراءات الخميس الأخير وتفجيرات الخميس الأسبق رفعت من مستوى النقمة الشعبية الواسعة حيال دولتنا، بحكومتها وبرلمانها وهيئاتها ومؤسساتها "المستقلة"... هذه النقمة متأتية من الشعور الراسخ والمتفاقم بفشل دولتنا.. الإرهاب يجد بيئة مناسبة له في هذه النقمة، وهذه النقمة يتطلب الخلاص منها تصحيح مسار العملية السياسية بإلغاء نظام المحاصصة والتوافقات المتجاوزة على الدستور والقانون، ويتطلب أيضاً مكافحة الفساد المالي والإداري بالأعمال الملموسة وليس بالأقوال الكاذبة.. مكافحة الفساد تعني توفير الأموال لعملية التنمية، والتنمية تعني توفير فرص العمل والقضاء على البطالة وتأمين الخدمات والاحتياجات الأساسية، أي الحياة الكريمة للناس.. وهذا كله يعني حب الناس لدولتهم: الحكومة والبرلمان والقضاء والهيئات المستقلة.. هذا هو الشرط الأول والرئيس لدحر الإرهاب وليس الإجراءات المزعجة المزيدة للنقمة كما حصل الخميس الأخير.

 

المدى
العدد (2412) السبت 3/3/2012



 

 

free web counter