| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

السبت 3/12/ 2011                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

بغداد التعيسة .. حتى إشعار آخر

عدنان حسين

ولماذا نستكثر أن تُصنّف بغداد دولياً هذا العام أيضاً باعتبارها واحدة من المدن الأكثر سوءاً في العالم من حيث ظروف المعيشة ومستوياتها ؟ أليست هي كذلك كما نعرفها جميعاً؟ مَنْ مِن سكان بغداد وزوارها يشعر بالسعادة لأنه يعيش في بغداد أو يزورها؟ .. هل هناك أحد؟ دلّونا عليه لندل مجموعة "ميرسر" (Mercer) الاستشارية عليه لتغيّر نظرتها الى عاصمتنا.

ربما كان الوحيدون السعداء لأنهم في بغداد هم الفَسَدة الذين تتيح لهم الظروف الحالية كسب الملايين من الدولارات شهرياً أو فصلياً.. لكن هؤلاء لا يعيشون في عاصمتنا ولا يرتبطون برابطة الانتماء والحب لها .. انهم يوجدون في بغداد لأغراض "البيزنس" ويمضون معظم أوقاتهم بين عمان وبيروت ودبي وأبو ظبي والقاهرة ولندن وسواها من المدن التي وجدت المجموعة الاستشارية الدولية أنها تتمتع بظروف معيشة ممتازة أو جيدة جداً أو طيبة في الأقل.
ما كان يمكن لعاصمتنا أن تكون على غير ما وجدها أحدث تقرير لـ "ميرسر"، فالإناء ينضح بما فيه، وما دامت بغداد تقع تحت سطوة مجموعة حاكمة لا تكترث لأحوال البلاد كلها ، حجراً وبشراً، حواضر وأريافاً، فلن تكون الا بين أسوأ المدن.
لا يمكن أن تكون بغداد بين المدن الأحسن حالاً بينما هي من الأسوأ على صعيد الفساد المالي والإداري بحسب التقارير السنوية المتتابعة لمنظمة الشفافية العالمية، ولا يمكن أن يكون أهل بغداد بين الأهنأ عيشاً في ما يعانون الحر صيفاً والبرد شتاء والظلمة في الفصول الأربعة جميعاً، ومادام فيها نحو مليوني عاطل عن العمل، ومدارس آيلة للسقوط وأخرى تخلو من المرافق الصحية، ومصحات لا تتوفر لها شروط الصحة من نظافة وأجهزة خاصة بالفحص والعمليات ولا الأدوية اللازمة للعلاج ولا العدد الكافي من الأطباء والممرضين.
لا يمكن لعاصمتنا، وسواها من مدن البلاد، أن يأتي ترتيبها في صدارة قائمة المدن الأحسن أو في وسطها فيما هي تشكو انعدام نظام الصرف الصحي ونظام المرور والشح الدائم للمياه الصالحة للشرب وغاز الطبخ، ومن انهيار نظام النقل العام وعدم وجود متر مربع واحد نظيف في شوارعها وأزقتها وساحاتها العامة.
"ميرسر" تعتمد نحو 40 معياراً لترتيب المدن في قائمتها، وهي وجدت ان الاضطراب السياسي وضعف تطبيق القانون والهجمات التي تستهدف السكان المحليين والأجانب ومعدلات الجريمة والقيود المفروضة على الحريات الفردية والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والبيئية المتردية جعلت من بغداد أحد أسوأ أمكنة العيش في العام الحالي أيضاً.
والواقع ان تقرير "ميرسر" خلص الى ان سوء الحياة في بغداد (والعراق عامة بالضرورة) يرجع الى الأسباب السياسية، فـ "عدم الاستقرار وتدني مستويات الأمن ما زالا يؤثران سلباً على جودة مستويات المعيشة في المدينة".
هذه بالطبع شهادة إدانة صريحة للطبقة السياسية الحاكمة بكل أطيافها وائتلافاتها وتكتلاتها وقواها ومكوناتها، الى آخر المصطلحات التي لا يملّ أفراد هذه الطبقة تكرارها والتشديد عليها .. ولا غرابة في الأمر فالإناء ينضح بما فيه.. ولن يليق بطبقة كهذه الا ان تكون مصدر تعاسة وبؤس وأحزان وآلام لبغداد وسائر مدن العراق وقراه.

 


العدد (2321) السبت 3/12/2011



 

 

free web counter