| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الأحد 3/6/ 2012                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

أين سياسيو السلطة من أخلاق هذا الضابط الشاب؟

عدنان حسين   

هذه واقعة قد لا يراها آخرون تستحق الكتابة عنها أو حتى الإشارة اليها، لكنني أجد ان من اللازم الاهتمام والتنويه بها ، فالأحداث السعيدة قليلة في حياتنا الراهنة، وهذا بفضل زملائنا ورفاقنا السابقين في المعارضة الذين تحوّلوا اليوم الى حكام لا يقلّون سوءاً عمن عارضناهم.

على مدى أكثر من سنة منذ عودتي الى البلاد لم يثر العساكر في نفسي أي شعور بالتضامن والتقدير عندما أمر بهم يومياً في نقاط التفتيش الثابتة والطيارة أو في طوابيرهم السيارة أو المرابطة في الشوارع والساحات. الانطباع الذي تكوّن لديّ انهم عدائيون، وبخاصة الضباط منهم، وهو انطباع ما كنت أرغب فيه أبداً، فمثل مئات الآلاف من أقراني من معارضي نظام صدام وسياساته العدوانية، كنت أرغب في قوات مسلحة وطنية تتبادل الحب مع شعبها، وكنت أعتقد ان بالإمكان بناء قوات مسلحة كهذه، ففي بريطانيا التي أقمت فيها منذ عشرين سنة والدول الاوربية التي زرتها كثيراً رأيت بأم العين كيف يتعامل ضباط الشرطة الكبار، مثلاً، بكل تواضع وتهذيب مع أبسط مواطنيهم حتى عندما يتظاهرون ضدهم، وكنت أمنّي النفس بعراق على شاكلة بريطانيا على هذا الصعيد وغيره، وكنت أعتقد ان هذا ليس ضرباً من الخيال الجامح أو العاطفة الوطنية المفرطة.

أمس صباحاً ، وبالتحديد في الساعة التاسعة و25 دقيقة كنت أقطع بالسيارة شارع الصالحية المتجه من تقاطع وزارة الخارجية باتجاه جسر السنك (لا أعرف اسم الشارع لعدم وجود لوح يحمل اسمه.. أسمع البعض يسميه شارع المحافظة لمروره بمبنى محافظة بغداد) .

على غير العادة كان هناك انتشار أمني كثيف بعض الشيء. أحد الجنود أشار على السائق بالتوقف جانباً للتفتيش، فامتثل للأمر وتقدّم جندي نحونا وتبعه ضاط شاب. لم يكد الجندي يكمل القاء تحيته علينا حتى بادر الضابط بالسلام بلهجة ودودة للغاية .. سأله السائق إن كان يطلب هوية أي منا، فأجاب مبتسماً: اللي تحبوه.

أظهرت للضابط الشاب هويتي الصحفية فرفع بصره باتجاهي وقد اتسعت على وجهه ابتسامته العذبة، وبدت نظراته مفعمة بالود والاحترام.. أعاد الهوية وقال لجنديه الذي كان يتفحص دواخل السيارة من الخارج : اتركهم. ثم قال لي بأدب جم: أنتم عوننا وسندنا بما تقوم به من عمل رائع.

كان عليّ بالطبع أن أرد على التحية بأحسن منها أو بمثلها، فقلت: بل الفضل لكم في توفير الأمن لنا وللناس .. نتمنى لكم السلامة والنصر على الأعداء.

ليست الوطنية بالشعارات الكبيرة ولا الانسانية بهذر الكلام .. انهما بالاعمال الصغيرة والمواقف الصغيرة كموقف الضابط الشاب الذي يُحيي الأمل بان العراق الذي نريد يُمكن أن يكون، وان هذا العراك الضاري على السلطة والمال بين سياسيي الحكم واستهتارهم بمصالح الوطن والناس سيكون مآلهما مزبلة التاريخ.

تحية لضابط الصالحية الشاب، ابن شعبه.
 

المدى
العدد (2499) الأحد 3/6/2012



 

 

free web counter