| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الأحد 3/3/ 2013                                                                      

 

شنــاشيــــل :

لماذا وقعت فاجعة المطعم اللبناني؟

عدنان حسين 

حرصتُ أمس على المرور من أمام المطعم اللبناني في بغداد، فقط لأعلن في داخلي عن التضامن مع الأرواح البريئة التي قضت هنا عبثاً ومع عائلات الضحايا في محنتهم الأليمة.

لم يفاجئني أبداً أنني لم أر أي مظهر يعبّر عن الشعور بالفجيعة حيال النكبة التي ألمّت بعشرات العائلات. كانت هناك سيارتان للدفاع المدني تتوقفان على حافة الطريق الضيقة وبضعة رجال برفقتهما. بالطبع لم أتبيّن ما كان يجري داخل المطعم، لكن ما شقّ علي كثيراً ألاّ أرى لافتة تنعى الضحايا وتواسي أهلهم وأحبتهم المفجوعين، إن من إدارة النادي أو من أمانة بغداد أو وزارة السياحة أو أية جهة أخرى لها علاقة بالكارثة وتتحمل جزءاً من المسؤولية عنها.

بدا لي أن الجميع يدفنون رؤوسهم في الرمال أو يشيحون بوجوههم جانباً تهرباً من المسؤولية.

لا أدري كيف تعاملت سلطات الدولة (الشرطة والقضاء على وجه الخصوص) مع الحادث، لكن لا يبدو أن أحداً من مسؤولي دولتنا قد اهتزّ من الأعماق، كما أنا وأمثالي، على وقع الكارثة. ولا استبعد أن يُسجل الحادث بطريقة ما ضد مجهول، وأن يُغلق ملف القضية بترضيات مالية يتوسط فيها بعض ذوي الشأن والنفوذ حفاظاً على مصالح اصحاب المطعم المقصرين والمهملين ومن له علاقة بهم.

ليس الحادث بسيطاً، ففيه أُزهقت أرواح بريئة وارتاعت أنفس وأصيبت بصدمات وجروح نفسية وجسمانية لن يلتئم بعضها إلى الأبد. كان عدد غير قليل من العائلات المكوّنة من نساء ورجال وأطفال يحتفل في المطعم بمناسبة سعيدة.. أرادوا تخليد سعادتهم ومناسبتهم في صور فتجمّعوا في مكان من المطعم وهم غير مدركين انه يُمكن أن ينهار بهم جميعاً إلى عمق اليمّ فيتحول مطعمهم إلى صندوق للرعب والموت غرقاً، وهذا بالضبط هو ما حصل.

الحادث ليس بسيطاً، فهو دليل آخر على أننا في دولة اللاقانون التي يصرّ القائمون عليها على ألاّ يخضع أي شيء في حياتنا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية إلى المعايير والمقاييس المرعيّة حتى في البلدان الفقيرة والمتخلفة. انه دليل فاقع على الفساد المالي والإداري الضارب عميقاً في لحم دولتنا وعظامها. الفساد الذي يتيح إقامة منشئات من دون التقيد بشروط الأمن والسلامة.

أين كانت أمانة بغداد ووزارة السياحة كل هذا الوقت؟ وكيف منحتا إجازة للمطعم؟ وأين هي الأمانة والوزارة من عشرات الآلاف من المنشئات والمرافق والمحال المتجاوزة أو غير الملتزمة بالشروط والتعليمات؟

فتشوا عن الفساد.


المدى
العدد (2739)  3/3/2013



 

 

free web counter