| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الأثنين  3 / 11 / 2014                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

أبعد ممّا يرى نائب محافظ بغداد

عدنان حسين                 

يُمكن لنا أن نتفهّم بقدر ضئيل "الحجّة" التي ساقها نائب محافظ بغداد في تصريح صحفي أخير له، لكننا لن نقبل بها تماماً بالتأكيد، لأنه توفرت للدولة على الدوام خيارات كان من شأن الركون اليها والتعويل عليها عدم حصول ما تحدث عنه الرجل وسعى لتبريره.

نائب المحافظ، جاسم البخاتي، أقرّ بـ"تفاقم" عمليات خطف الأشخاص في العاصمة في الفترة الأخيرة، الا انه تذرّع بـ"انشغال" الدولة والأجهزة الأمنية بمواجهة (داعش)، (المدى برس).

زميل للسيد البخاتي كشف عن حصول 146 عملية خطف في ضاحية واحدة من ضواحي بغداد، هي الشعب، منذ شهر رمضان الماضي.

أعمال الخطف والابتزاز وقتل بعض المخطوفين لأسباب وأهداف مختلفة لم تتوقف في العاصمة وسائر المدن على مدى السنين العشر الماضية.. تراجعت في بعض السنوات، نعم، لكنها لم تتوقف أبداً، والدولة والأجهزة الأمنية مسؤولة عن استمرار هذه الظاهرة، وهذا راجع للتهاون مرة، وللفساد الاداري والمالي مرة أخرى، وللفشل في وضع نظام مراقبة فعّال من شأنه الكشف عن الجرائم ومرتكبيها، ولو بعد ارتكابها، مرة ثالثة.

النظام الفعّال المقصود هو القائم على المراقبة عبر الكاميرات.. في أكثر الدول تطوراً وأماناً واستقراراً تنشر سلطات الشرطة والبلدية كاميرات مراقبة متواصلة في الشوارع والساحات ومحطات القطار ومراكز تجمع ركاب الباصات والأسواق التجارية المفتوحة والمغلقة والحدائق العامة. وظيفة هذه المنظومة من الكاميرات الوقاية من وقوع الجرائم ونشوب أحداث شغب أو حرائق، والكشف عن مرتكبي هذه الجرائم والأعمال لتقديمهم الى العدالة.
منذ عشر سنوات كنّا في حاجة ماسة الى نظام كهذا أكثر من حاجتنا الى أجهزة الكشف عن المتفجرات الزائفة التي تبيّن منذ عدة سنوات انها استوردت الى البلد لزوم سرقة المال العام وليس لتحقيق الأمن للمجتمع والكشف عن الإرهابيين .. نظام الرقابة بالكاميرات ما كان سيكلف مالياً أكثر مما كلّفته صفقات الجهاز الزائف الذي حُكِم في بريطانيا على التاجر مورّده الينا بالسجن 15 سنة بتهمة الغش والإساءة الى سمعة التجارة البريطانية، فيما كوفئ الذين استوردوا هذا الجهاز بغضّ النظر عنهم وإبقائهم في مناصبهم ووظائفهم العليا (لا نعرف سوى شخص واحد حوكم عن الصفقة الفاسدة وحُكم عليه بالسجن سبع سنوات فقط، أي أقل من نصف المدة التي حكم بها القضاء البريطاني على التاجر الغشاش!!!!).

نائب محافظ بغداد فسّر تفاقم ظاهرة الخطف هذه الأيام بمواجهة داعش، ولم يُعنَ بقضية النقص الفادح على صعيد نظام المراقبة الفعّال. كما انه تغافل عن حقيقة أخرى هي ان أعمال الخطف والابتزاز والقتل تزايد عددها في الفترة الأخيرة لأسباب تتعلق أيضاً بتفاقم نشاط الميليشيات التي تبدو لنا تصرفات عناصرها في بعض الأحيان كما لو كانت هي الدولة. وقد استغلت عصابات الجريمة هذا الوضع فعادت الى الميدان لترتكب بعض جرائمها تحت مسمى بعض هذه الميليشيات.

نعم، سعادة نائب المحافظ، هذه أسباب جوهرية للظاهرة التي تحدثت عنها، بل هي أكثر جوهرية من مسألة الانشغال بمحاربة داعش، فلو كان لدينا نظام مراقبة فعال، ولو لم تكن لدينا ميليشيات ما كان من السهل خطف الناس وقتل البعض منهم وابتزاز البعض الآخر.
 


المدى
العدد (3207) 3/11/2014

 

 

free web counter