| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

السبت 31/3/ 2012                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

حرية الإعلام والعدوان على "طريق الشعب"

عدنان حسين  

لم نكن في حاجة إلى أن تُخبرنا مؤسسة استطلاعات دولية بأن الأغلبية الساحقة من الناس في بلادنا ترى أن حرية الإعلام والصحافة غير متوفرة، فهي كذلك في الواقع ونحن الصحفيين أكثر من يتلمس هذا حتى قبل أن يصدر في الصيف الماضي قانون حقوق الصحفيين الذي صادر في الواقع حقوقاً للصحفيين كانت قائمة بحكم الأمر الواقع في غياب ذلك القانون.

مؤسسة "غالوب بول" نشرت أخيراً نتائج استطلاع أجرته بشأن حرية الصحافة في العالم شمل 133 دولة، أظهرت ان العراق يأتي في ذيل القائمة، أي انه بين الدول العشر الأقل حرية بحسب رأي الناس الذين سئلوا عمّا إن كانوا يعتبرون وسائل الإعلام في بلادهم حرة والصحافيين أحراراً في ما يُنتجون من أخبار وما يكتبون.
قائمة الدول الأكثر حرية تصدرتها فنلندا وهولندا، إذ ان97 في المئة من سكانها اعتبروا أنهم يرفلون في نعيم الحرية الإعلامية. وجاءت السويد وكندا وبريطانيا ونيوزيلندا واستراليا وغانا وألمانيا في درجة أدنى قليلاً. اما العراق فقد جاء ترتيبه متأخراً لأن 62 بالمئة من المستطلعة آراؤهم من سكانه قالوا ان بلادهم لا تتمتع بالحرية الإعلامية. واستند الاستطلاع الى معايير الحرية الصحفية المعتمدة في مؤسسة «فريدوم هاوس» الدولية المعنية بحرية التعبير في العالم.
أهم مظهر لحرية الإعلام هو قدرة الإعلامي على الوصول بحرية الى المعلومات ثم قدرته على البث الحر للمعلومات. الجهاز البيروقراطي في بلادنا يضع عقبات هائلة أمام الإعلامي اذا ما رغب في الحصول على المعلومات، واذا حصل ووصل بطريقة ما الى المعلومات المطلوبة فإن عقبات أكبر تحول دون بثها، باسم الأمن الوطني والقانون والنظام العام، وقد كُرّست هذه العقبات رسمياً في قانون حقوق الصحفيين. والآن فإن أدنى شرطي وأبسط موظف في الدولة يمكنه أن يتذرع بالأمن الوطني ومكافحة الإرهاب والقانون والنظام العام لحجب المعلومات عن الصحفي. بل كثيراً ما يتعرض الصحفي الى الإهانة والاعتداء الجسدي في محاولة لمنعه من تأدية واجبه.
في ذروة التحضيرات لمؤتمر القمة العربي تعرّضت إحدى المؤسسات الصحفية الوطنية المرموقة الى تجاوز سافر من قوات الأمن، فقد اقتحمت قوة مسلحة المبنى الذي يضم مكاتب صحيفة "طريق الشعب" (الحزب الشيوعي)، وهو خال من الصحفيين بسبب العطلة الإلزامية والإجراءات التعسفية التي فرضتها الحكومة في بغداد تحضيراً للقمة، واعتقلت حراس المبنى وعبثت في محتويات المكاتب واستحوذت على بعضها .. كل هذا من دون رخصة قضائية كما يفرض القانون والدستور وفي غياب إدارة الصحيفة.
لو لم تكن القوة الأمنية تعرف أن بوسعها التجاوز على الدستور وانتهاك القانون (القانون العام وقانون حقوق الصحفيين) ما تجرأت على هذه الفعلة التي تعني بكل بساطة أن الجهاز الحكومي يستهين كلياً بحرية الرأي والتعبير وبحرمة الإعلام ومؤسساته.
بعض النقد لا بد أن يوجه إلى الحزب الشيوعي نفسه، لجهة تساهله تجاه أفعال خارجة على القانون ومنتهكة للدستور. ويشهد على هذا التساهل ان البيان الذي أصدره مكتبه الإعلامي بشأن هذا العدوان على " طريق الشعب" حمل عنوان "إيضاح"!!. فمع هذا العنوان بدا كما لو ان مكاتب "طريق الشعب" هي التي اعتدت على قوات الأمن، وليس العكس. فالعكس كان يقتضي أن يحمل البيان عنوان "استنكار" أو "تنديد" أو "احتجاج".
في كل الأحوال، على مدى أكثر من 75 سنة تعرّض الحزب الشيوعي، وسائر القوى الوطنية، الى الكثير من الاعتداءات السافرة من النوع الذي وقع على "طريق الشعب" منذ أيام وقبل سنة أيضاً وأشدّ منه، لكن كل الذين أمروا بتلك الاعتداءات أو نفّذوها انتهوا الى مزبلة التاريخ، فيما ظل الحزب الشيوعي الذي يحتفل اليوم بعيده الثامن والسبعين مرفوع الهامة، وفي قلب التاريخ الوطني للعراقيين، والذين اعتدوا للتو على إحدى مؤسساته أو أمروا بالعدوان لن يكونوا بأحسن مصيراً من أسلافهم.
 

المدى
العدد (2439) السبت 31/3/2012



 

 

free web counter