| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الثلاثاء 31/1/ 2012                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

 الفرصة الأخيرة لبغداد

عدنان حسين

لم يكن الموقف العراقي الرسمي من الأحداث في سوريا منطقياً منذ البداية. وكان المظنون والمأمول أن يتبدل هذا الموقف تدريجياً ليُصبح منطقياً لكن بغداد اختارت أن يكون موقفها مضاعفاً في عدم منطقيته، فعدد غير قليل من المسؤولين في بغداد غادر حال التردد الأولي إلى الدفاع صراحة عن نظام بشار الأسد والتنديد علناً بالانتفاضة الهادفة إلى إطاحته.

في البداية اتخذ النظام في بغداد موقف اللا معَ واللا ضد مُخالفاً بذلك الموقف العربي العام. والتبرير المُقدّم وقتها تراوح بين القول إن للعراق جالية كبيرة (لاجئون) في سوريا لا بدّ من مراعاة مصالحها، والقول الحدود الطويلة بين البلدين كانت لسنوات عدة ممراً لغالبية الإرهابيين الذين فجّروا السيارات المفخخة والأحزمة والعبوات الناسفة في أسواق المدن العراقية ومدارسها ومستشفياتها وجوامعها وكنائسها ودوائرها الحكومية، وان بغداد بالكاد استطاعت أن تُقنع النظام السوري أو ترغمه على إغلاق هذا الممر، والخشية أن يُعاد افتتاحه. العائشون في بغداد الذين كانت غالبيتهم، كما أكثرية العراقيين، تتطلع إلى دعم واضح وفعّال لانتفاضة الشعب السوري، كانوا يعرفون إن ما يقال في التصريحات الرسمية والإعلام الحكومي ليس هو الحقيقة، وان موقف الحكومة مناهض تماماً للانتفاضة لأسباب لا تخلو من شبهة الطائفية ولا من سوء التقدير والتدبير. ولم يمر وقت طويل حتى بدأ مسؤولون حكوميون نافذون وأقطاب في أحزاب إسلامية شيعية بالإفصاح عمّا ظل مكتوماً، فرحنا نسمع كلاماً لا تورية فيه ولا تقية عن الخشية من وصول السلفيين والأصوليين (السنة) إلى السلطة في الشام.
لم يكن منطقياً ذلك الموقف، فهو يشبه الكلام في بعض دول العرب عن أن النظام العراقي الذي نشأ عقب إطاحة نظام صدام حسين هو نظام طائفي (شيعي) على غرار الجمهورية الإسلامية في إيران. والحال ليس كذلك بدلالة الدستور الذي يحكم العملية السياسية العراقية، وبدلالة ان الأحزاب الإسلامية الشيعية المتنفذة في بغداد، بسبب نظام المحاصصة غير الدستوري، يشكو منها ومن سوء إدارتها للدولة أغلبية الشيعة، فضلاً عن السنة والكرد والتركمان والمسيحيين والصابئة والإيزيدية.
بموقفهم هذا وضع المتنفذون في نظام بغداد العراق كله في حال العداء مع الانتفاضة السورية، وهذا ما ستكون له عواقب سيئة للغاية على المدى البعيد، فنظام بشار الأسد مهما طال به العمر، الذي لن يمتد لأكثر من اسابيع او اشهر، سيلحق بالأنظمة التي عصف بها الربيع العربي بعد كل ما تسبب فيه من سفك الدماء، ووقتها لن يكون في وسع حكومة بغداد أن تغيّر الجغرافيا لتجعل حدود العراق الغربية تشترك مع بلد آخر غير سوريا، وليس في إمكانها أيضاًً إغلاق هذه الحدود بجدار من حجر أو حديد.
الآن تعمل الجامعة العربية والأمم المتحدة على منح الفرصة الأخيرة لنظام الأسد لكي يتقيد بالخطة العربية لحل الأزمة الدامية في سوريا، وهي أيضاً الفرصة الأخيرة لنظام بغداد لكي ينتقل من الموقف الداعم لبشار الأسد إلى الموقف المساند للانتفاضة التي تهدف إلى تحرير الشعب السوري من الدكتاتورية والقمع والى إقامة نظام ديمقراطي عند حدودنا الغربية.
 

المدى
العدد (2380) الثلاثاء 31/1/2012



 

 

free web counter