| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

السبت 30/4/ 2011                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

شياطين العراق الجديد

عدنان حسين
 

لا تقولوا بتعجب واستغراب: لا، لا!.. غير ممكن!.. مستحيل!.. عجيب أمور غريب مسألة! فما غريب إلا الشيطان، بل حتى الشيطان لم يعد بالغريب في هذه البلاد التي له فيها ألف شكل وشكل: مزور شهادة يحتل بواسطتها منصباً رفيعاً، وزير لا يعرف شيئا من شؤون وزارته ويتولى منصبه بالمحاصصة، نائب يفوز بصوت رئيس قائمته وليس بأصوات الناخبين، معقب معاملات بالأجرة، موظف مرتش، مستحوذ على أملاك غيره بالغش والحيلة أو بقوة الميليشيا التي ينتسب اليها، جلاد سابق يطيل لحيته ويسوّد جبينه وينضمّ الى حزب حكومي.

هذه الحكاية لا تأليف فيها ولا تلفيق، ولا مبالغة ولا تهويل. إنها منقولة طبق الأصل عن مصادرها الموثوقة:
بموجب قانون المحاصصة تعيّن (فلان الفلاني) وكيلاً لوزارة.. منصبه له علاقة ما بالإعلام والثقافة. موظفو مكتبه تصوّروا انه يحمل شهادة معتبرة في اللغة أو الأدب ليتولى هذا المنصب... باركوا له وهنأوه بالثقة العالية التي أولته إياها الحكومة وقيادات العملية السياسية التي توافقت على منحه هذه الوظيفة المرموقة.
في أول يوم عمل رسمي حمل اليه مدير مكتبه ملف الكتب الواردة ليطّلع عليها ويوجّه باتخاذ اللازم بشأن كل واحد منها. وبحكم خبرته في المكتب مع الوكيل السابق اقترح مدير المكتب: هذا يحال الى الشؤون المالية، وهذا الى السيد الوزير، وذاك تكتب عليه هامشاً مناسباً.. سحب مدير المكتب القلم وقدمه لسعادة الوكيل الذي كتب على الأول:"الشؤون المالية"، وعلى الثاني:"السيد الوزير"... وعلى الثالث:"هامش مناسب"!.. تردّد مدير المكتب للحظات قبل أن يقول لسيده بارتباك بعدما اكتشف ان وكيل الوزارة شبه أمي:"أستاذ.. أقصد انك تقرأ الكتاب ثم تهمّشه بما تراه مناسباً".
أفترض ان كثيرين ممن يقرأون هذه الحكاية الان لم يتعجبوا أو يستغربوا، فكل واحد منهم لا بد أن صادف شيطاناً في صورة هذا الوكيل أو ببعض الاختلاف في التفاصيل. ومن لم يقابل في دائرته او دائرة أضطر الى مراجعتها شيطاناً كهذا فلا بد انه رأى واحداً مثله في التلفزيون يصرح للصحفيين أو يشارك في ندوة ولا يجيد اللغة ولا فن الكلام، أو يلقي سؤالاً بليداً أو مداخلة خارج الصدد في مجلس النواب، أو يبدو صامتاً في الغالب، فالوكيل بطل هذه الحكاية ليس الوحيد من نوعه وصنفه في دولة العراق في القرن الحادي والعشرين.
في النصف الأول من القرن الماضي، وهو عهد تأسيس الدولة العراقية الحديثة التي قامت على أنقاض الدولة العثمانية المتخلفة، كانت محافل الدولة العراقية تزدحم بالشخصيات الفكرية والثقافية والسياسية والقانونية المرموقة من أمثال محمد رضا الشبيبي، نديم الباجه جي، سعد صالح جري، روفائيل بطي، نجيب الصايغ، حسين جميل، محمد بهجت الأثري، وعشرات بل مئات آخرين غيرهم.
بالله عليكم، من منكم يمكنه تعداد أسماء عشرة أشخاص، في المستوى الثقافي والفكري لتلك الشخصيات، ممن يتولون مناصب عليا في دولتنا الحالية التي تأسست في مطلع القرن الحادي والعشرين، قرن ما بعد ارتياد الفضاء الخارجي والوصول الى الكواكب والإنترنت؟
أروقة دولة العراق الجديدة في مطلع القرن الحادي والعشرين تزدحم، بل تختنق، بالشياطين من أمثال ذلك الوكيل الأمي... وكما تعلمون إذا حضرت الشياطين فرّت الملائكة!.



العدد (2116) السبت 30/04/2011






 

 

 

free web counter