| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

السبت 30/7/ 2011                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

لا حُجّة لكم أيها النواب

عدنان حسين

بخلاف ما ترسّخ في أذهاننا، ظهر أن البرلمان العراقي يستطيع أن يكون مثلما أردناه وكما هو جار في سائر البرلمانات في العالم الديمقراطي، عابراً للطائفية والمذهبية والقومية في اتخاذ قراراته وفي تشريع القوانين من دون توافقات ومن غير إذعان لرئيس الحكومة وحزبه أو سواهما.

بل إن مجلس النواب أثبت أمس الأول انه قادر،إذا ما أراد، أن يقف في وجه الحكومة ويُلجمها ويحدّ من الميول الاستئثارية والتطلعات الاستبدادية للفريق المتنفذ فيها، وهذا ما يشجعنا على رفع سقف مطالبنا منه، وهي مطالب لا تتعدى قيام المجلس بواجباته حيال من انتخبوه، تلك الواجبات التي أقسم أعضاء البرلمان على أدائها بكل إخلاص وتفان، لكنهم في أغلب الأحيان حنثوا بالقسم وقصّروا كثيراً في الالتزام بهذه الواجبات وتوانوا عن أدائها وضحّوا بها على مذبح توافقاتهم الطائفية والمذهبية والقومية .. والشخصية في أحيان كثيرة.
أمس الأول رفض المجلس طلب ممثلي الفريق المتنفذ في الحكومة سحب الثقة من المفوضية العليا (المستقلة!؟) للانتخابات بتهمة الفساد المالي والإداري ... المفوضية، كما نعلم، ليست منزّهة من الفساد شأن مؤسسات الدولة الأخرى جميعاً، لكن جماعة الحكومة سيّسوا الملف، فردّ عليهم المجلس بموقف ليس منزهاً هو الآخر من التسييس... الحكومة أرادت من فتح ملف الفساد في المفوضية دون غيره أن تُحلّ المفوضية لتتشكل مفوضية جديدة على مقاساتها، أو أن يدخل أمر هذا التشكيل في غياهب التوافقات والمحاصصات، فلا تكون مفوضية ولا تكون انتخابات .. المجلس الذي أدرك من جانبه مرامي فريق الحكومة ومخططاته ردّ على التحية بمثلها، بكلمة "لا" قوية تركت الفريق المتنفذ في الحكومة يولول ويبكي.
لم يكن موقف المجلس صائباً تماماً إذ انه لم يعالج قضية الفساد في المفوضية من دون حلها بالكامل. والنتيجة التي أسفر عنها التصويت أمس الأول يمكن أن تُعطي رسالة اطمئنان إلى الفاسدين والمفسدين في الدولة، كما انها تشجّع الحكومة على المعاندة في فتح ملفات الفساد في دوائرها ودواوينها.
وعلى أية حال فان ما حدث أمس الأول حجة قوية في أيدينا لمطالبة مجلس النواب بتحقيق مطالب الشعب وعدم التذرع بحجة التوافقات البائسة.
كما حصل أمس الأول، يستطيع البرلمان أن يُلزم الحكومة بتأمين احتياجات الشعب المادية والخدمية التي طال كثيراً انتظارها وفاقت التصور الوعود بقرب توفيرها (زيادة وتحسين مفردات الحصة التموينية، توفير الكهرباء والماء الصالح للشرب، حل مشكلة الفقر والبطالة، النهوض بالزراعة والصناعة، تنظيف شوارع المدن وأحيائها السكنية من المزابل، مدّ مجاري الصرف الصحي، تبليط الشوارع والأرصفة، بناء المدارس والمستشفيات والمستوصفات،وقف تدفّق السلع الفاسدة والتالفة والرديئة والملوثة على الأسواق المحلية .. الى آخره مما له علاقة بالدرجة الأولى بمكافحة الفساد المالي والإداري المتفاقم).
ويستطيع مجلس النواب أيضاً، تأسيساً على ما جرى أمس الأول، أن يوقف حملة السلطة التنفيذية على الحريات العامة، برد أو إعادة صياغة مشاريع القوانين التي عرضتها الحكومة على المجلس في الأسابيع الأخيرة، وبخاصة مشاريع القوانين التي أدرجت تحت عناوين مخادعة: حماية الصحفيين، حرية التعبير والرأي والتظاهر السلمي، جرائم المعلوماتية، فهذه كلها (المشاريع) بالصيغة المقدمة من الحكومة إنما تهدف إلى التضييق على الحريات وإطلاق يد الحكومة في قمع الرأي الحر وأصحابه، ما يهدد بإعادة إنتاج الدكتاتورية التي دمرت البلاد.
لن نقنع بعد الآن بذريعة التوافق التي يتمسك بها معظم النواب لتبرير فشلهم في تحقيق التزاماتهم تجاه ناخبيهم .
إنهم يستطيعون أن يفعلوا ما يريدون، إن أرادوا، كما حصل أمس الأول، ولا حجة لهم بعد اليوم.



العدد (2206) السبت 30/07/2011






 

 

 

free web counter