| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الأربعاء 30/1/ 2013                                                                      

 

شنــاشيــــل :

مؤتمر وطني.. من نوع آخر

عدنان حسين

لماذا يحدث ما يحدث في بلادنا ؟ من المسؤول عنه ؟ وكيف السبيل للانتهاء منه ؟
ما يحدث هو استعصاء سياسي خانق يمكن أن يغدو قاتلاً في أي لحظة، بل إن نذر القتل واضحة، فما يجري في المناطق الغربية يمكن أن يؤدي الى اشعال نار حرب طائفية جديدة كتلك التي اندلعت في 2006 و2007، ما لم تعد الطبقة السياسية المتنفذة إلى العقل وتتحلّ بالحكمة والوطنية.

وخطر العودة إلى الحرب الطائفية حقيقي وليس مُتخيلاً، حتى أن رئيس الوزراء نوري المالكي الذي تفاخر مرات عدة في السنوات الأخيرة بأن شبح الحرب الطائفية قد ولى بعيداً، أقر علناً منذ يومين بعودة هذا الشبح إلى الظهور، فهو قال خلال حفل ديني لحزبه: "لقد أنهينا الطائفية بعد المجهود الحثيث لكنها على ما يبدو ظهرت من جديد".

ما يحدث الآن هو نتيجة منطقية لما حصل منذ البداية، منذ عشر سنوات، فالمقدمات الخاطئة لا تؤدي الا إلى نهايات خاطئة. الولايات المتحدة وحليفاتها، وبخاصة بريطانيا، التي تكفلت إسقاط نظام صدام ووعدت الشعب العراقي بنظام ديمقراطي، نكثت عهدها وأقامت نظاماً هجيناً، ليس بالديمقراطي بالتأكيد، ولا يناسب العراق بالذات. فنظام المحاصصة الطائفية والقومية الذي قيل انه سيحل مشاكل العراق المزمنة على صعيد العلاقة بين قومياته وأديانه وطوائفه أدى إلى تفاقم هذه المشاكل وتفجرها. العلاقة بين العرب والكرد والتركمان هي الآن في حال سيئة، والعلاقة بين الشيعة والسنة في حال أسوأ، وكذا العلاقة مع أتباع الديانات الاخرى، المسيحية والصابئة المندائية والإيزيدية.

الولايات المتحدة وبريطانيا والنخبة السياسية التي شاركتهما في صياغة هذا النظام تتحمل جميعاً المسؤولية عما يحصل الآن وعما حصل على مدى السنين العشر المنصرمة. من اللازم أن تقر هذه النخبة بالخطأ التاريخي المرتكب. هذا الإقرار مهم وضروري لكي تُشرع الأبواب للخروج من حال الاستعصاء السياسي الخانق، والمرشح لأن يكون قاتلاً.

ما السبيل إلى الحل؟
أبواب الحل يمسك بمفاتيحها أطراف النخبة السياسية، والمشكلة إن أياً منهم لا يريد أن يفتح بابه. ثمة فكرة يمكن أن تساعد في الوصول إلى المخرج. أطراف الأزمة تتداعى إلى مؤتمر وطني، ليس هو ذلك الذي ضاع في لعبة الشد والجذب (مؤتمر أم لقاء أم اجتماع)، فالمؤتمر المقترح لا يقتصر حضوره على أطراف الأزمة وحدهم أو على عدد آخر من القوى السياسية غير الممثلة في البرلمان والحكومة.

انه مؤتمر رصين يشارك فيه، على قدم المساواة مع قيادات القوى السياسية الحاكمة وغير الحاكمة، أكاديميون وخبراء في السياسة والاقتصاد والمجتمع والقانون والثقافة والإعلام وقيادات من منظمات المجتمع المدني، يبحث بعمق طبيعة الأزمة القائمة وسبل الخروج منها.

مؤتمر كهذا سيزخر بأفكار من أروع ما يكون.. فقط يتعيّن على النخبة السياسية المتنفذة والمتسببة في الأزمة الراهنة أن تتواضع وتعترف بفشلها في إدارة الدولة، وادارة الأزمة، وتنفتح على الأفكار التي سيطلقها المؤتمر الوطني العتيد. وهذا المؤتمر يتعين أن يبادر إلى الدعوة إليه البرلمان أو الحكومة أو كلاهما، وهذا أوفق.


المدى
العدد (2712)  30/1/2013



 

 

free web counter