| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الأحد 30/10/ 2011                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

مؤامرة بعثية؟

عدنان حسين

حتى لو كانت المعلومات التي استندت إليها حكومة بغداد بشأن "المؤامرة البعثية" لقلب نظام الحكم الحالي والاستيلاء على السلطة بعد الانسحاب الأميركي الكامل، صحيحة وغير مبالغ فيها، فان حملة الاعتقالات التي قيل إنها شملت مئات من البعثيين الحقيقيين أو المُفترضين، تعكس فشلاً ذريعاً للحكومة الحالية ولنظام الحكم برمته، ولا تمثّل بأي حال نجاحاً في توجيه ضربة استباقية.

البعثيون لم يعترفوا بالنظام الحالي ولم يؤيدوا العملية السياسية التي بدأت بعد غزو 2003، بل لم يخفوا معارضتهم وعداءهم لها، والذين انضموا إلى هذه العملية منهم إنما تسلّلوا إليها تسلّلا تحت واجهات مختلفة -أكبرها ائتلاف العراقية الذي يقوده شكلياً إياد علاوي وعملياً صالح المطلك وأسامة النجيفي وسواهما- ليكونوا بمثابة حصان طروادة. لكن هذا التسلّل لم يتم تحت جنح الظلام وإنما في غمرة ضوء باهر بموافقة ورضا المُمسكين بتلابيب العملية السياسية (التحالفان الشيعيان والتحالف الكردستاني الذين صوّتوا على استثناء المطلك وسواه من إجراءات المساءلة والعدالة لتمكينهم من دخول البرلمان والحكومة)، بذريعة تمثيل المكوّن السُنّي في السلطة وتحت شعار المصالحة الوطنية التي لم تتم حتى اليوم ولن تتم بعد خمس سنوات من الآن.
والبعثيون انقلابيون بطبيعتهم (عقيدتهم تنصّ على الانقلابية وتاريخهم حافل بالانقلابات والمؤامرات وبأعمال القمع القاسي)، والخوف منهم مشروع والحذر واجب. ولكن أليس من المفروض أن يكون حزب البعث قد انتهى وشُيّع إلى مثواه الأخير؟.. حزب البعث لم يكن له وجود حقيقي في العراق. كان مجرد واجهة ولافتة لصدام حسين والمُحيطين به الذين أذلّوا مئات الآلاف من البعثيين كغيرهم من أفراد الشعب العراقي.
نعم من المفترض ألا يشكّل البعثيون خطراً جدّياً، بسبب تاريخ حزبهم ولأن الزمن العربي الحالي قد تجاوزهم كثيراً، فالنظام البعثي الوحيد المتبقي في البلاد العربية يعاني الآن سكرات الموت وسيلحق إن عاجلاً أو آجلاً بأشباهه في العراق وليبيا ومصر وتونس. لكن شرط عدم تشكيل البعث خطراً هو أن يكون النظام القائم قوياً. وقوة الأنظمة لم تعد تكمن في عسكرها وسلاحها. نظام صدام كان قوياً عسكرياً وأمنياً وانهار بسهولة أمام القوات الأجنبية. ونظام القذافي كان هو الآخر قوياً وسقط تحت ضربات ثوار نصفهم لا يُحسن استعمال السلاح. ونظاما بن علي ومبارك كانا أيضا قويين عسكرياً وأمنياً ولم يحتج معارضيهما للقوة المسلحة لإسقاطهما الذي أنجزته مظاهرات سلمية متواصلة في الميادين العامة.
ليس حزب البعث قوياً في العراق، إنما نظامنا هو الضعيف، لأنه لم يقدّم بديلاً حقيقياً لنظام البعث، فأصبح يخاف من ظله، ولو أقام البديل المأمول فلا البعثيون ولا حتى الجنّ الأزرق سيُهدده.
هل تريدون أن تأمنوا شرّ البعثيين وغيرهم؟ راجعوا أنفسكم.. اكبحوا فسادكم.. اتركوا نظام المحاصصة.. كافحوا الغش والتزوير بين صفوفكم.. امنحوا الكفاءات الوطنية فرصتها المُستحقة.. احترموا الذين انتخبوكم وأوفوا بوعودكم وتعهداتكم لهم. باختصار: اعدلوا لتناموا مطمئنين من البعثيين وسواهم.
 


العدد (2293) الأحد 30/10/2011






 

 

 

free web counter